تسليح العشائر على أسس مذهبية.. خطوة خطيرة

الدعم الكويتي عبر المنظمات الدولية يساهم في بلسمة الجراح بين العراق والكويت
الدعم الكويتي عبر المنظمات الدولية يساهم في بلسمة الجراح بين العراق والكويت

خطوة إنسانية، هي قيام الكويت بالتبرع بمبلغ 200 مليون دولار للعراق، كمساهمة منها في إغاثة العراقيين المهجَّرين من المدن العراقية، التي سيطرت عليها قوات «داعش».. تبرُّع إنساني، على الرغم من آثار الجروح التي لم تلتئم بعد، من جراء الغزو، إلا أن النواحي الإنسانية والشعور الطيب غطت على تلك الجروح.. خطوة كويتية كانت محل ترحيب وإشادة من نائب رئيس الجمهورية العراقية إياد علاوي، مشيراً إلى أنه يأتي منسجماً مع مواقف دولة الكويت القومية والإنسانية، وتفهمها لاحتياجات النازحين العراقيين ومعاناتهم، مقدماً شكره الجزيل على هذه الخطوة.

لم تقدم الكويت تبرعها لفئة ما، أو أطراف خارج الحكومة العراقية، بل مباشرة إلى مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية «لتتولى أمر توزيع هذه المنحة الإنسانية.. يذكر أن عدد النازحين من العراق قارب الثلاثة ملايين نسمة، أو بشكل أدق وفق تصريح رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق توماس فايس، بأن المنظمة سجلت نزوح 2834676 نازحاً داخل العراق حتى أبريل من هذا العام».

ولا يشمل هذا الرقم النازحين كافة، بل هناك آخرون لم يتم تسجيلهم، لأسباب مختلفة.

في جميع الأحوال، لم تختلف هذه الخطوة عمَّا سبقها من ثلاثة مؤتمرات عُقدت في الكويت، لدعم ومساعدة الشعب السوري في منافيه أو داخل سوريا، مع التزامها بتسديد الوعود المالية التي أعلنت عنها منذ المؤتمر الأول، هذا خلاف نشاط الهلال الأحمر، الذي قام، ولا يزال، بتوزيع المساعدات الإنسانية على الشعب السوري.

مقابل ذلك، نرى أن هناك خطوة في حال تنفيذها من إحدى الدول العربية تنطوي على تهديد ومخاطرة على الوضع العربي العام، عندما يصرح زعيمها بنيته تسليح العشائر في غرب العراق وشرق سوريا، مختاراً صفة المذهبية في عملية التسليح هذه، وقد وجدت هذه الدعوة صدى على مستوى العراق على الأقل، ومن شأن هذه التصريحات، في حال دخولها مرحلة التنفيذ، زيادة الانشقاقات المذهبية داخل الوطن العربي، لا بأس أن تبذل المساعي لمساعدة الحكومة العراقية، رسمياً، بما في ذلك تقديم الأسلحة لمواجهة التكفيريين من «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية المنتشرة في سوريا أو في العراق.. أما أن تأتي تصريحات وتتخذ خطوات مترجمة لها مساهمة في تفتيت الوطن العربي، فهي خطوة غير بعيدة إطلاقاً عن الاقتراحات التي بدأت في الكونغرس الأميركي، وتلقفتها الإدارة الأميركية، بتوزيع المساعدات وفق المذهب أو القومية في العراق، وكأننا من الناحية الفعلية بصدد إقامة كيانات قائمة على المذاهب أو القوميات وفق الأهداف الصهيو – أميركية.

هناك فرق بين خطوة تبلسم الجراح قائمة على القومية المشتركة ومرتكزة على الإنسانية، وخطوة أخرى تساهم بشق وحدة العالم العربي.

فقليل من الحياء، حتى لا يتحوَّل وطننا الكبير إلى عشائر ومذاهب وقوميات.

(م.غ)

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.