
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
أكثر من تحذير أطلقته «الطليعة»، تؤكد فيه إمكانية فقد مؤسسة البترول الكويتية عقوداً نفطية، ولم تكن هذه التحذيرات نابعة من تخمينات، بل كانت قائمة على حقائق وأرقام موضوعية، ولكن لم يلتفت أحد إليها، وظلت مؤسسة البترول الكويتية على عنادها، في نفي حقيقة إمكانية فقد عقود نفطية خارجية، وأي تهديد لعقود النفط الكويتية.
وها هي عقود النفط الكويتية بدأت الآن تواجه تهديدا من دول أخرى، ومن المتوقع أن تزداد هذه التهديدات مستقبلاً، مع بحث كل دولة نفطية تسويق منتجاتها من النفط الخام، خصوصاً مع عودة اثنين من أكبر اللاعبين في السوق النفطية، وهما إيران والعراق.
وقد بدأ هذا الأمر يتحقق على أرض الواقع، حيث أعلنت مؤسسة النفط الهندية تقليصا لعقد استيراد الخام من الكويت بمقدار النصف، إلى 100 ألف برميل يوميا، وهو ما أثار المخاوف من أن تشهد الفترات المقبلة تقليص بعض الدول والشركات العالمية كميات النفط المستورد من الكويت، خصوصاً أن بعض عقود بيع النفط الكويتي مع العملاء لا تلزم الشركات العالمية بسحب الكميات المتفق عليها في العقد، وذلك لبعض الأشهر.
تجديد عقود.. وتهديد
ورغم أن مؤسسة البترول الكويتية نجحت في توقيع عقد كبير مع شركة صينية في أغسطس الماضي، تبلغ مدته 10 سنوات، يقضي بإمداد الصين بكمية 300 ألف برميل يوميا من النفط الخام مع إمكانية رفع الكمية إلى 400 ألف برميل يوميا، كما نجحت في تجديد عقود نفط مع كوريا واليابان وتايوان والهند، فإن المستقبل يبدو مقلقاً، وقد يحدث في هذه العقود ما حدث مع مؤسسة النفط الهندية.
ووفق المعطيات، هناك جملة أسباب تهدد بفقدان النفط الكويتي أسواقه، على رأسها الارتفاع المتوقع في إنتاج العراق من النفط، وسعيه لاقتحام أسواق دول الخليج، فالطموحات العراقية في زيادة الإنتاج كبيرة جدا.
تخمة نفطية
وتؤكد تقارير وجود مخاوف حقيقية لدول الخليج العربية من ارتفاع إنتاج العراق من النفط، فزيادة الإنتاج العراقي قد تخلق «تخمة نفطية» في السوق، موضحة أن الإنتاج العراقي بلغ في 2013 نحو 3.4 ملايين برميل يوميا، وهوالمستوى الأعلى له منذ عام 1979، وبحلول عام 2020، ستبلغ القدرة الإجمالية لصادرات العراق نحو 7.5 ملايين برميل في اليوم، وهناك زيادة كبيرة في الطلب على النفط العراقي، بفضل عملاء آسيا، وعلى رأسهم الصين والهند.
أما العامل الثاني، فيتمثل في عودة إيران إلى الأسواق النفطية، وهذا سينعكس على أسواق النفط، حيث تستعد إيران جيدا للعودة القوية إلى الأسواق النفطية، فقد أعلنت منذ العام الماضي، أنها على استعداد لشحن النفط مجاناً إلى بعض زبائنها، ومنهم الهند، وكل ذلك من أجل تعزيز مبيعاتها، وكسب عملاء جدد، وهو ما يعني اشتعال المنافسة في الأسواق.
خصومات مغرية
وذكرت تقارير إخبارية، أن عملاء إيران في الهند قد يستفيدون من إعفائهم من تكلفة شحن تتراوح بين 70 سنتا ودولار للبرميل عند شراء الخام من إيران. كما تعرض إيران على الهند أيضا خصما في سعر النفط إذا زادت شركات التكرير من حجم مشترياتها، هذا إضافة إلى أن إيران تمنح شركات التكرير الهندية فترة سماح مدتها 90 يوماً، لدفع ثمن مبيعات الخام، فيما يتمسك معظم المنتجين الآخرين بفترة سماح مدتها 30 يوما، وهذه العوامل، مجتمعة، قد تجعل الكثير من الشركات تفضل التعاقد على شراء نفط إيراني وعدم الشراء من الدول الخليجية، ومنها الكويت.
النفط الصخري.. قادم
أما العامل الثالث، فيتمثل في الزيادة الكبيرة في إنتاج أميركا من النفط الصخري، ويوماً بعد يوم يزداد تهديد النفط الصخري لأسواق النفط، وهذه التهديدات، وإن كانت في الماضي محض تخمينات، إلا أنها تحولت في الوقت الراهن إلى حقيقة ملموسة.
وتشكل زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري تهديدا لجميع الدول المنتجة للنفط، وما يذهب إليه البعض، من أن هذه الزيادة لن تؤثر في أسواق النفط الكويتي خطأ كبير، فمع زيادة إنتاج النفط الصخري ستكتفي الولايات المتحدة ذاتيا، وسيتوقف استيرادها من النفط الخفيف من الدول الأفريقية، مثل أنغولا ونيجيريا، وبالتالي هذه الدول ستبحث عن أسواق جديدة، وستدخل في منافسة شرسة على نفس أسواقنا الآسيوية، وستملك ميزة غير متوافرة لدينا، وهي أن نفطها من النوع المميز الخفيف.
تأثر الأسواق الكويتية
والمؤكد أن كل هذه الأسباب ستؤثر في أسواق النفط الكويتية، وهناك تهديدات بفقدان مؤسسة البترول الكويتية عقودا وزبائن خلال المرحلة المقبلة، خصوصا أن السوق النفطية قد لا تستوعب كل هذه الزيادات القادمة من النفط الخام من الدول المنتجة، إذ إن هناك أكثر من دولة تخطط لزيادة إنتاجها النفطي، وهذا يعني تشبع الأسواق وفوائض في المعروض النفطي والبحث عن زبائن لهذه الفوائض، حتى لو كان هذا على حساب تقديم تنازلات في إبرام العقود.