مؤسسة مشروع تكوين للكتابة الإبداعية.. بثينة العيسى: نحاول التصدي للخفة التي يتم التعاطي فيها مع الصنعة والنشر

بثينة العيسى
بثينة العيسى

حوار: هدى أشكناني:
كثيرا ما يتبادر إلى ذهن البعض السؤال «لا ندري كيف ولماذا نكتب؟».. نقف طويلاً عند هذا التساؤل، محاولين إيجاد فهم واضح لفكرة الكتابة، فتظهر مجموعة شابة راقية، تسهم في إزالة الغموض عما نبحث عنه عبر مشروعها «تكوين».

هو مشروع ثقافي أدبي متخصص في الكتابة الإبداعية، تعمل فيه جماعة مثقفة، تحاول أن تقدم أنموذجاً مختلفاً عما عهدناه في بعض المواقع، بطرح جميل وأنيق.

لنعرف أكثر عن المجموعة والموقع، التقت «الطليعة» مؤسسة المشروع الكاتبة والروائية بثينة العيسى.. وهنا نص الحوار:

● مشروع «تكوين».. إلى ماذا يهدف؟

محمد سالم
محمد سالم

– يهدف إلى أمرين؛ الأول هو توفير مادة تحفيزية مستمرة للكتاب، من أجل مواصلة العمل في مشاريعهم الكتابية، وذلك من خلال قنوات التواصل الاجتماعي والإصدارات والمقالات التي تنشر في الموقع، والثاني إلى صقل أدواتنا الكتابية، من خلال التعرف إلى تقنيات الكتابة والإمكانيات المتوافرة لدينا لنحتِ المعنى على أكمل وجه.
يخيّل للكثيرين دائما بأننا نشجع على الكتابة، وهذا صحيح، ولكن نحن نشجع الجادين فقط، ونحاول التصدي لتلك الخفة، التي يتم التعاطي فيها مع الصنعة والنشر، أن نجعل لكل كلمة في النص أهميتها القصوى.

● ظهرت العديد من المواقع المهتمة بالثقافة والأدب لسنوات، لكنها لم تصمد.. ماذا عن «تكوين»؟
– «تكوين» ليس مجرد موقع إلكتروني، إنه مشروع ثقافي ولديه العديد من الأجنحة، ريعية وربحية، وهو قادر حتى الآن على تمويل نفسه، ويحصل على الرعايات والدعم من بعض الجهات. استمرار تكوين منوط بحماسة القائمين عليه، ونحن فريق متحمس جدا.

العالم البديل

● في ظل الحرب والرعب اللذين يهدمان حياتنا، كيف يمكن للكلمة أن تبني لنا عالماً جميلاً ؟
– العالم الذي تدشنه لنا الكلمات، العالم البديل والموازي الذي نفهم من خلاله عالمنا هذا بصفاءٍ وتركيزٍ شديدين.. يخبرني بأنَّ ليس عليّ أن ألعب لعبتهم، ليس عليَّ أن أكون جزءا من صراعٍ قرره غيري، من خلال العمل مع اللغة (واللغة كما نعرف هي المكون الأساسي للفكر).. أستطيع أن أحفر في كبدِ الحقيقة، أي في أعماق إنساننا التائه، وأن أجد ما يجمعنا وما يفرقنا، ما يشفينا وما يمرضنا، أن أكون خالقة للمعنى، لا مجرد متلقية له. أن أقترح أجوبة، وأثير زوابع أسئلة وأقلق العالم.

يوسف العبد الله
يوسف العبد الله

أعضاء الفريق

● هل وجدت صعوبة في اختيار الفريق المؤسس للمشروع؟
– الحقيقة أن هذا الفريق شكّل نفسه بنفسه، بشكل عضوي، وبما يتوافق مع حاجات العمل. فيصل الرحيل كان أول المنضمين للمشروع. و بسبب انهماكي في برنامج الترجمة، شعرت بالتقصير إزاء برنامج الكتاب العرب الذي يفترض أن يوفر مادة متخصصة بالكتابة الإبداعية من تجاربهم، لهذا أول شخص فكرت فيه لتولي هذه المهمة هو فيصل.
يوسف العبدالله، التقيته صدفة في مقهى، وأخبرته بأنني أبحث عن مخرج، وبصراحة تطورت قدراتنا التوثيقية والبصرية والجمالية أميالا عديدة، بمجرد انضمامه، والأمر نفسه مع المصور الفوتوغرافي المبدع والمصمم محمد سالم، الذي يصمم إعلانات المشروع والأغلفة، ويقوم بالتغطيات البصرية اللازمة عبر مشروعه الزميل «سيماء».
محمد يوسف يدقق المواد المنشورة في الموقع نحويا وإملائيا. والمحامي خالد الأنصاري، بمثابة الدينامو، الذي ينجز تنسيق جميع مهامنا الإدارية.
فريق «تكوين» الإداري متكامل، لا يمكن الاستغناء عن شخصٍ واحد منه، ولا يمكن لأينا أن يسد مكان الآخر، لأن لكل منا برنامجه واختصاصاته، ويجمعنا الشغف بالكلمة وخلق الكلمة واكتشاف آفاق تكوينها.. إنني محظوظة فعلا بهذا الفريق.

فيصل الرحيل
فيصل الرحيل

● تكتبين، تترجمين، تشرفين على الموقع، تخططين لأفكار ودورات جديدة.. الخ، هذه القائمة المطولة، تحتاج لامرأة مجنّحة!، فكيف توفقين بين كل ذلك؟
– أنا كاتبة متفرغة، استقلتُ من عملي السابق، حتى أتفرغ للكتابة، ولتكوين، ولأمارس الأشياء التي أحبها، أعمل 10 ساعات يوميا لإنجاز ما ينبغي إنجازه، ومؤشر سعادتي الذاتية يتناسب بشكلٍ طردي مع إنتاجيتي.
الأمر ليس في كوني غزيرة الإنتاج، بل في كوني محظوظة بما يكفي لكي أتفرغ لما أحب. وعليه، فأنا أملك الرغبة والوقت، وهذا كل ما يتطلبه الأمر لأتحول إلى امرأة مجنّحة.

● باعتقادك، ذائقة القارئ العربي تتشابه مع ذائقة القارئ الغربي، أي ما تقومون بترجمته، هل بإمكانه أن يصل للقارئ ويبهره؟
– ألم يعجب القارئ العربي بساراماغو وماركيز وفوكنر؟ ألم يقرأ تلك النصوص بدهشة ومحبة؟ لماذا إذن لا نجلس ونتحدث عن الكيفية التي كتب بها هؤلاء، ونتعلم منهم؟

● ألا ترين أن المشروع قد يخدم فئة محددة من الكتّاب أو المهتمين بالكتابة والثقافة أكثر من القارئ البسيط/ العادي؟
– صحيح.. «تكوين» مشروع متخصص، وهو يستهدف شريحة الكتّاب، وليس شريحة القرّاء الأوسع بالضرورة.. الشخص الذي لا يهتم بكتابة مؤلف أدبي لن يكون مهتما بما نقدمه في تكوين. ولكن هذا لا يعني أننا لا نؤدي رسالة مهمة من خلال المشروع.

● كيف يمكن أن تساهم ورش العمل الإبداعية في تقديم أقلام قادرة على مواجهة القطار الإبداعي بشقيه الشعري والسردي؟
– ورش العمل لا تقدّم أقلاما، لا تصنع مبدعين، هي تصقل أدوات المبدع وتطوّرها وحسب، ما نقوم به من خلال ورش العمل، هو تبيان متطلبات الأمر ومدى جديته. نتعرف إلى مجموعة من الأدوات والتقنيات التي نحتاجها في مشاريعنا الكتابية.

خالد الأنصاري
خالد الأنصاري

كتاب «تكوين»

• حدثينا قليلا عن كتاب تكوين الأول «لماذا نكتب؟»
– يحتوي كتاب «لماذا نكتب؟» لـ ميريديث ماران على عشرين فصلا لعشرين كاتبا، يتحدّث عن دافعه إلى الكتابة، بالإضافة إلى أفضل وأسوأ لحظات الكتابة لديه، أهم المحطّات التي ساهمت بتكوينه، ويُختتم الفصل بعددٍ من نصائح الكتابة التي يوجهها هؤلاء الكتّاب العشرون إلى الكاتب الطموح الذي يتطلع إلى النهل من بصيرةِ غيرِه، وتجربته.
تم انتخاب الكتّاب العشرين لهذا الكتاب على أساس النجاح الذي حققوه في الكتابة، كصنعة، وفي تجارة الكتابة معا. الكتّاب الذين حصلوا على جوائز، وحققوا أكبر كمٍ من المبيعات، وترجمت أعمالهم إلى عشرات اللغاتِ حول العالم، وحازوا مكانة أدبية مرموقة، وكتبت فيهم مراجعات وقراءات مثيرة للجدل، منهم الروائية التشيلية إيزابيل الليندي، المعروفة للقارئ العربي بأجمل مؤلفاتها «ابنة الحظ» و«باولا»، وسبستيان جنغر الذي كتب «العاصفة الكاملة»، وتم تحويله إلى فيلم من بطولة جورج كلوني، وسوزان أورلين التي تحوّل كتابها إلى فيلم لميرل ستريب ونيكولاس كيج (adaptation)، وأسماء أخرى تتمتّع بصيتٍ شعبيّ وأدبي في الولايات المتحدة الأميركية، مثل تيري ماكميلان، ماري كار، وآن باتشيت، كاثرين هاريسون، مايكل لويس، وغيرهم ممن يتعرّف عليهم القارئ العربي للمرة الأولى.

● مشروعكم القادم؟
– سنقدم معرضنا الأول للتصوير الفوتوغرافي لعرض أفضل اللقطات المشاركة في مسابقة «صور لحظة الكتابة».. في مجمع الأفنيوز في بداية يونيو.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.