
محمد الغربللي:
عجيب وغريب تصريح وزير التربية وزير التعليم العالي، د.بدر العيسى، الأسبوع الماضي، عن انتظار الحكومة حكم المحكمة الدستورية، حول عدم دستورية قانون منع الاختلاط، مبيناً فيه أن «قرار المحكمة من شأنه أن يوفر على الدولة ما يقارب 750 مليون دينار»، مضيفا «الكلفة المادية التي تعد من أهم المحاور في قضية عدم الفصل بين الجنسين داخل الجامعة والعودة إلى التعليم المشترك ستساهم في حل مشكلة الشُعب المغلقة، التي تؤرّق الإدارة الجامعية في كل فصل دراسي». (الجريدة 5/25)!
مبعث عجبنا من هذا التصريح، هو أن الحكومة – بعدد أعضائها الـ -15 تستطيع بقليل جداً من الجهد، ولنقل بحركة إصبع، أن تحشد لها 20 نائباً في مجلس الأمة، لتقديم مشروع قانون لتعديل مادة التعليم المشترك، فهي لا تحتاج إلى أكثر من هؤلاء العشرين نائباً رهن طاعتها وأوامرها للتصويت معها، وإن كان هناك حياد لدى بعض النواب، فالجلسة السرية جاهزة على عتبة قاعة عبدالله السالم للدخول إليها، ولكن يبدو أن الحكومة فيها من جرعة الجُبن الشيء الكثير، لتتقدم بمثل هذا الاقتراح، الذي سيوفر على الدولة ليس مليون دينار، بل 750 مليونا، وفق تصريح الوزير.. مبلغ ليس بالهين، لكي تشمّر الحكومة عن ساعديها وتتقدَّم باقتراح تعديل القانون بصورة سريعة ومداولات أسرع، ليتم توفير المبلغ، وإنهاء مشكلة الشُعب المغلقة.
سؤال وجيه
عندما اتخذ قرار منع الاختلاط عام 1996 لم يصدر من السلطة القضائية، بل صدر من مجلس الأمة، وبموافقة الحكومة، وبمباركتها، تقرباً مع التيارات الإسلاموية من أطراف في السلطة تسعى إلى المكاسب السياسية.
إذن، لماذا تم إلقاء الأمر وتبعاته على السلطة القضائية، ممثلة بالمحكمة الدستورية، في الوقت الحاضر؟
لنفترض أن قرار المحكمة الدستورية أتى مخالفاً لتوجه الوزير، ألا يعني هذا أن الحكومة راضية عن هدر مالي يقدَّر بسبعمائة وخمسين مليون دينار، من دون اكتراث لما

سينتج من شُعب مغلقة أو مفتوحة، وأنها غير معنية بأعداد الطلاب بين مادة وأخرى، سواء كانت الفصول مكتظة بالبنات، وأخرى شبه خالية من الشباب؟
المفارقة العجيبة
وزير التربية ليس المعني المباشر بالأمر، بل رئيس مجلس الوزراء بشكل أساسي، فهو المكلف حماية المال العام، وفق ما أقسم عليه، ومبلغ يصل لمئات الملايين من الدنانير جدير بالحماية، ما دامت الأمور واضحة، والأدوات النيابية متوافرة، وبالتالي ما عليه سوى أن يتقدَّم بمشروع قانون، لتعديل مواد التعليم المشترك، ولا يكلفه ذلك إلا لسانه وأوامره بهذا الخصوص، أي أنه لا توجد نفقات كبيرة أو صغيرة لإنفاقها، فقط كتابة مقترح من قِبل اللجنة القانونية في مجلس الوزراء وإرساله لمجلس الأمة، وإدراجه على جدول الأعمال بصورة مستعجلة، ورفع الأيدي للموافقة عليه. لا توجد أي كلفة مالية لتوفير مئات الملايين، لكن الحكومة بهكذا موقف تريد تعليق عجزها وتخوفها على مشجب المحكمة.
أما المحكمة الدستورية، فكأنها تردد قول أحد الممثلين الهزليين «ده مش كلامي، ده كلام المحكمة»!
فأي عجز وأي تردٍ هذا في الأداء، وللمفارقة، فهذا الأمر هو ما يشكو منه رئيس مجلس الوزراء نفسه في لقاءاته وتصريحاته النادرة، ولهذا لا نقول إلا «هذا الميدان يا حميدان».