مناطق عشوائية في دولة الرفاه(2) : الجهراء.. المحافظة الأكبر.. فريسة الإهمال والفوضى

 نفايات في الساحات
نفايات في الساحات

كتب محرر الشؤون المحلية:
تبدو الكويت برَّاقةً، بمدنها ومبانيها وشوارعها وأضوائها، وصخبها، ومجمعاتها، وتنظيم طرقها، ولأول وهلة ينبهر الزائر لها بمظاهر الترف، وظواهر الثراء.. بيد أنَّ دولة الرفاه تلك تضج بالكثير من مظاهر العشوائية.

بعد أن تناولت «الطليعة» في العدد السابق أبرز الظواهر السلبية بمنطقة جليب الشيوخ، كنموذج واضح للمناطق العشوائية في دولة الرفاه، ترصد في الجزء الثاني من هذا الملف المشكلات التي تعانيها محافظة الجهراء، التي تئن تحت وطأة الإهمال.. ورغم أنها أكبر محافظات البلاد من حيث المساحة وتعداد السكان، لكنها خارج اهتمام الحكومة، كما وصفها كثير من القاطنين فيها.

حيث عبَّر عدد من أهالي الجهراء عن استيائهم، بسبب المشكلات المتراكمة، وعدم الالتفات إلى مطالبهم، مشيرين إلى أن الخدمات تذهب «لناس وناس»، على حد تعبيرهم، فالمناطق الداخلية شوارعها نظيفة وواسعة، كما تحظى بالكثير من المنشآت والمرافق الحكومية، وإذا ما طرأت أي مشكلة في بنيتها التحتية، يبادر المسؤولون بحلها، وهذا ما لا نراه في مناطق الجهراء المترامية الأطراف.ويلخص الأهالي أبرز المشكلات والسلبيات في ضعف التواجد الأمني، ومن ثم تتزايد السرقات، وأعمال الاستهتار والتقحيص بالمركبات، فضلاً عن انتشار الحبوب المخدرة في أيدي بعض الشباب والمراهقين.

أين الأمن؟

ويشكو أهالي الجهراء من انعدام الأمان في بعض مناطق البر بنطاق المحافظة، مشيرين إلى سرقة الكثير من المخيمات خلال موسم التخييم، إضافة إلى كسر البقالات وسرقة محتوياتها في بعض المناطق السكنية، كما أن عمليات السطو على أفرع الجمعيات التعاونية في المناطق النائية تكررت كثيراً في الآونة الأخيرة.
وطالب الأهالي بتكثيف التواجد الأمني والمروري، ولاسيما في أيام العطلات، ففي نهاية كل أسبوع تتحوَّل بعض الطرق الرئيسة والبرية إلى ما يشبه طرق الموت، حيث يقيم شباب ومراهقون سباقات المركبات عليها، ويعرّضون أرواح المارة للخطر، من دون رادع، وقد شهدت طرق الجهراء الكثير من الحوادث المرورية القاتلة، من جراء أعمال الاستهتار والتقحيص والسباقات التي تُقام بعيداً عن أعين الأمن، مشيرين إلى أن هؤلاء المستهترين ما إن يروا دورية، حتى يفروا هاربين، لكنهم سرعان ما يعودون مرة أخرى للاستهتار بالسيارات، إذا ما انصرف رجال الأمن.

معاناة يومية

ويلخص يوسف المطيري أوضاع الجهراء، بالقول: «أسكن في منطقة تيماء ونعيش معاناة يومية، من جراء تردي الخدمات، فمعظم الطرقات متهالكة، كما أن المستهترين والمتسكعين، بسبب البطالة، أصبحوا يمثلون صداعاً مزمنا في رأس الأهالي».

وطالب المطيري الحكومة بالالتفات إلى هذه المناطق الخارجية، التي تعاني نقصاً في المستوصفات والمدارس والأندية الرياضية، والحدائق العامة وغيرها، مشيراً إلى الكثير من مناطق تيماء لا تصلها المياه، ويعتمد قاطنوها على شراء التناكر من محطات التعبئة بصفة يومية.

سكراب أمغرة

بدوره، انتقد المحامي طلال العنزي، الإهمال المتواصل من قِبل الجهات المختصة لمناطق الجهراء، مشيراً إلى أن سكراب أمغرة بؤرة مشاكل، وتتكرر فيه الحرائق والحوادث، من دون وضع خطة للحلول الناجعة، مشيراً إلى أن حرائق الإطارات كادت تسبب كوارث، وهي تتزايد في كل صيف، والغريب في الأمر أن الجهات المختصة شكلت فرق تحقيق في اندلاع النيران داخل قسائم النيران، وأظهرت التقارير أن بعض هذه الحرائق بفعل فاعل، لكن ظل الجاني مجهولاً.

رصاص الأعراس

ووفق محمد الشمري، فإن إطلاق النار في الأعراس أضحى ظاهرة مزعجة ومقلقة.. ورغم إعلان وزارة الداخلية عن مهلة لتسليم الأسلحة والذخائر غير المرخصة (تنتهي في أواخر يونيو المقبل)، فإن السلاح ينتشر بصورة ملحوظة في أيدي الشباب والمستهترين، وفي كثير من الأوقات نسمع صوت إطلاق النار في مناطق برية وغيرها.
مستشفى يتيم
أما أستاذ علم الاجتماع د.محمد الطاهر، وهو من سكان منطقة النسيم، فتطرَّق إلى سوء الخدمات الصحية، فـ «مستشفى الجهراء الوحيد تعجز طاقته عن استيعاب أعداد المرضى، ومن غير المنطقي أن يوجد مستشفى يتيم في أكبر محافظة بالبلاد، بينما تتواجد مستشفيات ومراكز طبية في مناطق متقاربة».
وأشار إلى أن بعض الأحداث يقودون المركبات من دون رخص قيادة، بل ويستعرضون بسياراتهم، معرضين أرواح الآخرين للخطر.

عمالة سائبة

من جانبه، أكد خلف المنصور أن بعض مناطق الجهراء أصبحت مأوى للعمالة السائبة والهاربين من الكفلاء، وكثير من هؤلاء ينتشرون في مدينة سعد العبدالله، ومنطقة سكراب أمغرة، مطالباً بتشديد الحملات الأمنية، لضبطهم ومعاقبة مَن يتستر عليهم أو يساعد على إيوائهم وتشغيلهم.

إلى ذلك، كشفت إحصائيات وزارة الداخلية عن تزايد الجرائم التي شهدتها محافظة الجهراء في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها جرائم إطلاق النار وترويع الآمنين بالأسلحة النارية، إضافة إلى ترويج المخدرات، والسرقات، وعمليات السلب بالقوة تحت تهديد السلاح.

وأظهرت البيانات، أن المحافظة شهدت نحو 163 حادث إطلاق نار خلال العام الماضي، إضافة إلى 213 جريمة سرقة، و149 جريمة سلب بالقوة تحت تهديد السلاح، لكن المفارقة أن معظم هذه الجرائم سجلت قضايا ضد مجهولين، ولم يتم ضبط إلا بعض مرتكبيها.

وخلال العام الماضي، أيضاً، شهدت محافظة الجهراء 354 ضبطية مخدرات ومشروبات روحية، وأكثر من 380 حادثاً مرورياً، أسفرت عن عشرات المصابين والوفيات.
وأكد مصدر أمني، أن الجهود تتواصل، لتكريس الانضباط في محافظة الجهراء وغيرها، معلناً عن أن الحملات الأمنية ونقاط التفتيش الثابتة والمتحركة أسفرت عن ضبط عشرات المطلوبين والهاربين من أحكام ومخالفي قانون الإقامة والعمل في مناطق الجهراء.

وكشف المصدر عن أن بعض القطاعات الأمنية الميدانية تعاني نقصاً في قوة الأفراد، الأمر الذي يُضاعف الأعباء على رجال الأمن عند حدوث مشاجرات أو مشكلات في بعض المناطق الخارجية، كالجهراء المترامية الأطراف.

نيران السكراب

من جانبه، شدد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للإطفاء على أن الحرائق التي تكررت في الآونة الأخيرة بسكراب أمغرة، سببها إهمال اشتراطات الأمن والسلامة، لافتاً إلى أن منع هذه الحوادث ليس مسؤولية الإدارة وحدها، بل الجهات كافة، التي يجب أن تقوم بمسؤولياتها في الرقابة والتفتيش، والحيلولة دون تكرار المخالفات.
وأضاف: إن وزارات الشؤون والداخلية والتجارة مطالبة بتسيير حملات للجنة الثلاثية، بهدف ضبط العمالة السائبة ومخالفي الإقامة، والهاربين من الكفلاء، الذين يقدَّر عددهم بالآلاف، ويختبئون بمنطقة سكراب أمغرة، التي أصبحت بؤرة تكدس وعشوائية وإهمال وتنذر بكوارث.

تكدس عشوائي

وزاد بالقول: رجال الإطفاء يواجهون صعوبات جمة عند اندلاع النيران في قسائم سكراب الأخشاب أو الإطارات، أو سكراب الحديد والسيارات المدعومة، لافتاً إلى التخزين العشوائي وإهمال اشتراطات الأمن والسلامة وتكدس المواد الخطيرة والسريعة الاشتعال، ما يصعّب مهمة رجال الإطفاء عند مكافحة النيران.
وذكر المصدر أن الكثير من الحرائق تبيَّن أنها بفعل فاعل، مشيراً إلى أن بعض أصحاب القسائم في مناطق السكراب يضرمون النيران، للحصول على مبالغ التأمين، كما أن بعض أفراد العمالة الوافدة يُشعلون النيران في الإطارات، للحصول على المعادن التي تحتوي عليها، وقد تم ضبط الكثير من المتورطين في مثل هذه الجرائم، لكن لابد من نقل سكراب أمغرة، الذي يضج بالإهمال والفوضى.

«هوشات» وسلوك عدواني

كشفت إحصائية رسمية لوزارة الداخلية عن ارتفاع معدلات العنف والسلوك العدواني في نطاق محافظة الجهراء.
وأشارت إلى أن الكثير من المراهقين والأحداث يتشاجرون، لأتفه الأسباب، مستخدمين الأسلحة البيضاء، بل والنارية في بعض الأحيان.

تلوث

طالب القاطنون في محافظة الجهراء الجهات الحكومية بنقل سكراب أمغرة، الذي أصبح بؤرة تلوث وعشوائية، مشيرين إلى هذا الأمر نوقش غير مرة في مجلس الأمة، كما أن الجهات المختصة وضعت خطة لنقله، ولكن كل ذلك حبر على الورق.

الفوضى تعم مساحات شاسعة
الفوضى تعم مساحات شاسعة
الإهمال يطول الأشجار
الإهمال يطول الأشجار
Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.