أياد خفية تعمل على تنفيذها مخططات بريمر وإسرائيل تتجه نحو تقسيم العراق.. والعرب في غفلة

محمد الغربللي
حينما تنظر إلى الخريطة العراقية، ستجدها مجزأة لعدة محافظات موصولة في ما بينها منذ الأزمنة الماضية، يجتمع في كل محافظة أو مدينة أو قرية مجموعات مختلفة من الديانات أو المذاهب، لم نسمع قط أن هناك اضطهاداً ضد الإيزيديين، والكثير من الناس لم يتناهَ إلى سمعه هذه الكلمة إلا أخيرا، كما لم يُنظر إلى المكون المسيحي على أنه خارج السياق الاجتماعي العراقي، أو أنه يعيش على هامش المجتمع، عدا الحرب الكردية، التي كانت تتم تغذيتها من قِبل أطراف خارجية.

طوال سنوات كان المجتمع العراقي يعيش بكيان واحد وشعب واحد، مع بعض المطالبات المحقة لإقليم كردستان، بشأن اللغة والتعليم، وغيرها من المطالبات، التي تحفظ تراث شعبه وحقوقه، إلى أن أتى «اليانكي» الأميركي في عام 2003، بقيادة بريمر، لتفكيك الوحدة الوطنية، واقترح بصيغة الأمر أو الأوامر دستورا يعمل على شرذمة العراق، شعباً وجغرافيا، مع نزع كل أدوات الدولة، من جيش وقيادات أمنية وغيرها، ونشر للفوضى والتقاتل الطائفي.

أيادٍ خفية

أيادٍ خفية زرعت منذ عام 2006 منظمات إرهابية تعمل وتفكر وتمارس الطائفية بأبشع صورها، مرتكزة عليها، قولاً وفعلاً وقتلاً وتشريداً، ولو نظرنا إلى خريطة العراق، نجدها على أرض الواقع شبه مقسمة: إقليم كردستان، بمساحته البالغة 77 ألف كلم2، يمارس دوره كدولة خارج العراق، بدعم أميركي وإسرائيلي، عدد كبير من المشاريع والتعاون الاقتصادي يتم بين الدولة العبرية وأطراف من إقليم كردستان، سواء كانت خاصة أم عامة وزيارات عمل متواصلة من دون توقف، وإسرائيل لها يد طولى منذ سنوات في تأجيج القتال في الإقليم، والحث على استقلاله عن دولة العراق، كالحال في جنوب السودان، ومع الافتقار للديمقراطية الحقيقية، ساءت الأمور نحو ما يشبه الدولة التي تضم كل تلك المساحة الجغرافية.

الإقليم السُني

بقي الشطر الآخر من مبادئ بريمر، والمتعلق بالإقليم السُني، ممثلاً بالأنبار، الذي يتكوَّن من مساحة كبيرة تصل إلى 138 ألف كلم2، ليس من السهولة قيام تنظيم إرهابي لم يتكوَّن إلا منذ بضع سنوات، من احتلال هذه المساحة الشاسعة، ما لم تكن هناك أيادٍ تعمل على منحها كل تلك الأسلحة والذخائر والأدوات اللوجستية المتطورة وحكاية الطائرات التي نزلت في الموصل محمَّلة بجميع أنواع الأسلحة معروفة، ولتمديد الإقليم كان لابد من الاستيلاء على مدينة الرمادي – التي تعد من أكبر مدن الإقليم، بمساحة تبلغ 108 كلم2 – بلمح البصر وبقدرة قتالية فائقة، في الوقت ذاته الذي يعمد فيه هذا التنظيم على طرد الأقليات أو المذاهب ذات الاختلاف، ليس السياسي بل المذهبي والديني، بأبشع صور القتل والتشريد والاضطهاد، وبذات النهج الذي بدأه بريمر، تتواصل عمليات التجزئة والتقسيم العرقي، وفق ما طرحته وكررته إسرائيل منذ عام 1953، واستمرت في هذا النهج، بمساعدة أيادي مَن يعملون وفق أجندتها.. ولتكتمل الصورة، أو بالأحرى السياسة الأميركية، هاه و الكونغرس الأميركي يقر ميزانيته الدفاعية لعام 2016، مخصصا للعراق دعما لا يزيد على السبعمائة مليون دولار فقط، حيث وزع الحصص ما بين الجهات الثلاث، نسبة منها لإقليم كردستان، وأخرى للطائفة السُنية، والنسبة الأخيرة للحكومة العراقية، هل يوجد وقاحة أكثر من ذلك؟ علما بأن المخصصات المالية الخاصة بالدفاع للدولة العراقية خاضعة لشروط وإملاءات على الحكومة قبل أن يتم صرفها!

أمر واقع

يذكر أحد الشيوخ الطاعنين في السن في فلسطين كيف كانوا يهزأون في بداية الثلاثينات عندما يخبرهم أحد بأن اليهود بصدد إقامة دولة لهم في فلسطين، كانوا ينظرون إليهم على أنهم شتات قوم أتوا للجوء، خوفا من محيطهم وبنفخة واحدة يرتعدون، من جراء أوضاعهم البائسة، في ذلك الوقت لم يكن هناك وعي بما كان يُدار ويُخطط له في الدوائر الغربية والصهيونية، وقد تصبح عمليات التقسيم في العراق أمرا واقعا، حتى ينتبه الجميع، ولكن قد يكون الوقت قد فات، وما كان متخيلاً يصبح حقيقة، بأيدينا وبمخططات الغير.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.