
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
عندما نسمع عن عزم مؤسسة البترول الكويتية تخفيض نفقاتها، وتخفيض نفقات الشركات النفطية التابعة لها، يتبادر إلى الذهن على الفور سؤال؛ هل نية المؤسسة تتجه فعلاً لتخفيض الإنفاق لمواكبة التراجع الكبير في أسعار النفط؟ أم أن الأمر له أبعاد أخرى لا يدركها الكثيرون؟
فقد أصدر الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، نزار العدساني، الأسبوع الماضي تعميماً لكافة الشركات النفطية التابعة للمؤسسة، يلزمها بوقف مكافأة المشاركة بالنجاح، إلى حين إقرار الميزانية، بالإضافة إلى وقف الكثير من بنود الإنفاق، التي تشمل وقف الاحتفال بالمناسبات المختلفة، ووقف هدايا قدامى العاملين والمخيمات الربيعية والأندية والمعاهد الصحية، وبعض المصروفات الأخرى، فيما وصف بأنه مقدمة لأزمة كبيرة قادمة في القطاع النفطي، خصوصاً في ما يتعلق بعدم صرف مكافأة المشاركة في النجاح لهذا العام، التي يتمسك بها العاملون في القطاع النفطي بشدة.
صراع

وقد أكدت مصادر نفطية لـ «الطليعة»، أن التعميم الذي أصدره العدساني، بهدف تخفيض النفقات والمصاريف، وخصوصاً في بند مكافأة المشاركة في النجاح، ليس هدفه الحقيقي تخفيض النفقات، وإنما هو وسيلة لتأجيج الوضع بين العاملين في القطاع النفطي، وإحداث بلبلة فيه، كنوع من الضغط على وزير النفط د.علي العمير، خصوصاً بعد الصِدام الذي حدث بين الوزير والقيادات بمؤسسة البترول الكويتية، على خلفية الإطاحة بأكثر من قيادي من مجلس إدارة المؤسسة، وعزم الوزير الإطاحة بعدد كبير من قيادات القطاع، وقيادات الصف الأول، سواء في المؤسسة، أو في الشركات النفطية التابعة لها، والتي لم تستطع تكتلات القيادات النفطية الوقوف في وجهها أو صدها، مع العلم أن هناك تربيطات تتم منذ فترة كبيرة لإفشال هذه التغييرات، ولكنها لم تصمد، فما كان من القيادات إلا استثارة العاملين في القطاع النفطي في وجه الوزير، عبر تقليص الكثير من المزايا التي يتمتعون بها.
وأضافت المصادر أن هناك رفضا شبه تام من جميع العاملين في القطاع النفطي، للتقليل من المزايا التي يتمتعون بها، سواء أكانت هذه المزايا مالية، مثل مكافأة المشاركة في النجاح، أم مزايا ترفيهية، عبر اشتراكات النوادي الصحية والمخيمات والأيام الترفيهية التي تقام في فنادق ومنتجعات راقية جداً، مشيرة إلى أن العاملين في القطاع النفطي يعتبرون هذه المزايا حقوقا أصيلة لهم، تشجعهم على العمل في القطاع النفطي، الذي يتسم بالمشقة، خصوصاً في الوظائف الفنية، وفي مناطق الإنتاج، ومن ثم لا يمكن التنازل عن هذه المكتسبات، مؤكدة أن الصِدام قادم لا محالة في حال الإصرار على حجب هذه المزايا، حتى لو كان هذا بهدف التوفير، فعلاً، وامتثالاً لتعليمات الحكومة، بتخفيض وترشيد الإنفاق، بعد التراجع الكبير لأسعار النفط منذ أكثر من عام.
اتساع الفجوة

وأشارت المصادر إلى أن العدساني كان يتريث منذ فترة في إصدار هذا القرار، ولكن ما شجعه لإطلاقه في هذا التوقيت، هو تنفيذ وزير النفط على العمير لأجندته ونسفه مجلس إدارة مؤسسة البترول كاملاً، من دون التنسيق مع الرئيس التنفيذي للمؤسسة نزار العدساني، أو حتى إعلامه بأسماء أعضاء المجلس الجديد والاختيارات التي يرغب فيها، لافتة إلى أن صراع الوزير مع القيادات النفطية داخل المؤسسة، واتخاذ كل طرف قرارات بهدف الانتقام من الآخر، من شأنه أن يدخل القطاع النفطي في دوامة من الصراعات، ومشكلات لا تحمد عقباها، وقد يصل الأمر إلى استقالات كبيرة في القطاع، نتيجة هذه القرارات الانتقامية من الطرفين، مبينة أن الوزير العمير كان يسعى منذ توليه الوزارة إلى تغيير أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، بعد تصادمه معهم عقب فرضه قرارات، من دون الرجوع إلى المجلس، وعدم قبول المجلس بهذه القرارات، إذ كان يرى أعضاء المجلس أن هذه القرارات تضر بالقطاع وتخدم أجندة سياسية للوزير، مشيرة إلى أن كثيرا من قرارات الوزير في القطاع تصدر من منطلق سياسي، وليس من منطلق فني، وهو ما ساهم باتساع الفجوة بينه وبين الفنيين في القطاع.
وعلى إثر ذلك، عبَّرت أكثر من نقابة نفطية عن القلق الحقيقي الذي يشعر به العاملون في القطاع النفطي، من جراء القرارات المتخبطة والانتقامية للقيادات في القطاع النفطي والسعي الحثيث للانتقاص من حقوق العاملين فيه، والتهديد بإلغاء مكتسباتهم المقرة بموجب المطالبات النقابية.