
كتب محرر الشؤون الدولية:
بعد 42 يوماً من المشاورات الائتلافية، وقبل ساعتين من انتهاء مهلة تشكيل الحكومة ليل الأربعاء- الخميس الماضي، مستبقاً الإعلان عن ائتلافه، بالموافقة على بناء 900 وحدة سكنية استيطانية في حي «رمات شلومو» الاستيطاني بالقدس الشرقية المحتلة، أعلن نتنياهو أنه تمكَّن من إبرام اتفاق مع رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، ليؤمن بذلك تأييد 61 نائباً، من أصل 120، لتكتمل بذلك صيغة الائتلاف الحكومي الجديد، المؤلف من أحزاب: «الليكود»، «البيت اليهودي» القومي الديني المتشدد، «يهودوت هتوراة»، «شاس» المتشددين، و«كلنا» ليمين الوسط.
وبهذه الصيغة الاضطرارية، يكون نتنياهو قد ترك الباب موارباً، أمام توسيع ائتلافه، الذي تمكَّن من إعلانه قبل وقت قصير، من انتهاء المهلة المحددة لتشكيل الحكومة.
ووُصف الائتلاف بأنه «يميني هش»، لن يصمد طويلاً أمام التحديات الكثيرة الخارجية والداخلية، في حين وصفه الفلسطينيون بأنه «الأخطر والأكثر عنصرية وتطرفاً».
وأجمعت وسائل الإعلام على أنه وفق الاتفاق الذي تم مقابل تنازلات كبيرة، حصل «البيت اليهودي»، الذي يعارض الدولة الفلسطينية ويدعم الاستيطان، على 3 وزارات، هي: حقيبة التربية والتعليم، التي سيتولاها بينيت، وحقيبة القضاء، التي تردد أنها ستمنح لإيليت شاكيد، المعروفة بمواقفها المتطرفة، وتدعو إلى إبادة الفلسطينيين، إضافة إلى حقيبة الزراعة، ومنصب نائب وزير الدفاع.. وكل هذا على قاعدة ما نص عليه الاتفاق الائتلافي بين نتنياهو وبينيت، وما تضمنه من تعهد الأول بشرعنة بؤر استيطانية عشوائية، ومبان في المستوطنات، تم بناؤها من دون تصاريح، وغالبيتها الساحقة مقامة على أراض فلسطينية خاصة.
رغم ذلك، وجد من بين المراقبين من يصف ائتلاف نتانياهو بـ «الهش»، أولاً، لأن لديه دعم 61 نائباً، وهي غالبية الحد الأدنى المطلوبة لتولي السلطة، بحيث يستطيع أي نائب إسقاطها وحده.
وثانياً، لأن على حكومته مواجهة تحديات كثيرة، وتنفيذ التزامات ووعود لن تتمكن منها، في وقت أعلن زعيم حزب «العمل»، إسحق هرتزوغ، أنه لن ينضم للحكومة الجديدة، رافضاً لعب دور «عجلة الاحتياط وإنقاذ نتنياهو من الحفرة التي حفرها لنفسه»، لذلك لا يتوقع المراقبون أن تصمد هذه الحكومة حتى نهاية العام، حتى إنهم بدأوا بالتكهن في شأن تشكيلة حكومة وحدة وطنية.
تحديات داخلية
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات داخلية من قبيل ارتفاع غلاء المعيشة والقضايا الاجتماعية، وعودة اليمين الديني المتشدد، الذي سيعمل على فرض أجندته الخاصة بالإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية، والحصول على تمويل لنظامه التعليمي الديني، بما يؤدي إلى التراجع عن الإصلاحات التي توصلت إليها الحكومة السابقة، مثل تسهيل اعتناق اليهودية، وجلب اليهود المتشددين إلى الجيش.
كما أن على الحكومة مواجهة مشاريع قوانين مثيرة للجدل، سيتم بحثها بعد توليها مهامها، وعلى رأسها قانون «يهودية إسرائيل»، وقانون يدعو إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، و«قانون برافر» لتوطين البدو وسرقة أراضيهم، إضافة إلى قوانين تهدف إلى الحد من سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية، وتقييد التبرعات الأجنبية لمنظمات غير حكومية في إسرائيل.
تحديات خارجية
وثمة تحديات خارجية أساسية أمام الحكومة من قبيل التعامل مع أزمة غير مسبوقة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ومواجهة قضائية على الساحة الدولية مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتوتر مع أوروبا، بسبب الاستيطان والجمود في عملية السلام.
الحكومة الأخطر على الدولة
صحيفة هآرتس، اعتبرت أن الحكومة الجديدة، ستكون من أسوأ وأخطر الحكومات في إسرائيل، لكون تعميق الاحتلال وتوسيع المستوطنات، وإضعاف ما أسمته «النظام الديمقراطي» وزيادة الدعم المادي للمجتمع الحريدي.. كل ذلك على رأس سلم أولوياتها، علاوة على أن حكومة، كهذه، تستند إلى صوت واحد، توفر الفرصة للمعارضة لعرقلة كل عمليات الحكومة وتقصير عمرها، وأنه بدلا من انتظار «معروف نتنياهو»، يجب على هرتسوغ أن يخلق الظروف التي تؤدي إلى استبدال السلطة في أسرع وقت، وإنهاء ولاية الحكومة الأخطر على الدولة.
سلام إقليمي
على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولتخفيف الضغوط الدولية عن حكومته، يعتزم نتنياهو، إلقاء تصريحات في الفترة القريبة المقبلة، يتحدث فيها عن ما يصفه بـ «سلام إقليمي»، معتبرا أنه بذلك سيتمكن من صد الضغوط التي قد تتعرض لها حكومته بشأن تعنته في الموضوع الفلسطيني.
ووفق موقع «واللا» الإلكتروني، فإن نتنياهو سيتطرَّق بتصريحاته إلى مبادرة السلام العربية، وذلك استنادا إلى ما قاله خلال مراسم الذكرى السنوية السبعين للانتصار على ألمانيا النازية، من أن «المصالح المشتركة لإسرائيل ودول عربية ضد إيران، تخلق فرصا لدفع تحالفات وربما دفع سلام أيضا».
وكان نتنياهو قد تحدث عن «مصالح» كهذه في الماضي، من دون أن يلتفت إلى تسوية مع الفلسطينيين، وذلك على خلفية اعتباره أن القضية الفلسطينية ليست مصدر الصراع في الشرق الأوسط، كما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي أعلن عن تشكيلها، هي حكومة يمين متطرف بامتياز، وكل الأحزاب المشاركة فيها تعارض قيام دولة فلسطينية، وقسم منها يعارض حتى إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين.
ووفقا لموقع «واللا»، فإن نتنياهو يكرر القول في محادثات مغلقة، إنه ليس مقتنعا بأنه بالإمكان التقدم في القناة السياسية مع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، «في المرحلة الحالية»، لأن الأخير يرفض المطلب الذي يطرحه نتنياهو حول الاعتراف بيهودية إسرائيل والانقسام الفلسطيني الداخلي.
رغم ذلك، يتوقع نتنياهو ممارسة ضغوط عليه في الشهور القريبة المقبلة بشأن الاستيطان والدولة الفلسطينية، ويعتبر أنه في حال أظهر تأييدا لفكرة «السلام الإقليمي» مع دول عربية، فإنه سينجح في تبديد أو صد ضغوط كهذه، يمكن أن تزول بحلول شهر نوفمبر من العام المقبل، عندما تنتهي ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأن أي رئيس أميركي قادم، سيكون ملتزما أقل منه حيال القضية الفلسطينية. لذلك، فإن نتنياهو يعتبر أن غايته المركزية، هي إيجاد مسار سياسي يسمح له بعبور الفترة المتبقية لولاية أوباما.
لا تنازلات
في كل الأحوال، وما يترجم أنها الأخطر والأسوأ، فالحكومة القادمة، ليست في صدد تقديم تنازلات من أي نوع، ووفق موقع «واللا»، فإن الحديث عن مبادرة إقليمية، واحتمال عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة إسرائيل، لا يثير مخاوف كبيرة في الجناح المتطرف في حزب الليكود الحاكم. ونقل عن عضوي كنيست من هذا الجناح قولهما إنهما يعرفان نوايا نتنياهو جيدا، وأنه خلافا لفترة المفاوضات التي أجراها مع عباس ووزير الخارجية الأميركي، جون كيري، فإنهما لا يعتزمان وضع مصاعب أمام نتنياهو.
وقال أحدهما إنه «طالما أن هذا الأمر لا يؤدي إلى مفاوضات مفصلة حول تنازلات، فإنه لا توجد لدي مشكلة مع هذا الأمر».