كتب محرر الشؤون العربية:
مثَّل التحرك العسكري الخليجي – العربي، بقيادة السعودية، لمحاربة الحوثيين في اليمن، سابقة فريدة في المنطقة، كسرت جمود التوازنات الإقليمية والدولية، وأوحت بإمكانية حل القضايا الشائكة والمستعصية في البلدان العربية، بعيداً عن الجمود «البراغماتي»، المصاحب لقرارات الدول الكبرى في شأن معالجتها للإشكالات، التي تحيط بكل دولة على حدة من دول الإقليم، الأمر الذي أغرى كثيرين لطرح سؤال حول مدى الاستفادة من التحالف المعلن والظروف الحالية، لتنفيذ سيناريو مشابه لـ «عاصفة الحزم» في سوريا، تقوده تركيا، وتدعمه السعودية وحلفاؤها، ولا سيما في ضوء أوجه الشبه بين الملفين اليمني والسوري، على الأقل لجهة الأطراف الإقليمية المعنية واصطفافاتها.
المراهنون على تنفيذ «عاصفة حزم» في سوريا، يستذكرون أن هذه العاصفة جاءت في فترة شهدت تقارباً بين السعودية وتركيا، بدأت بلحظة وفاة العاهل الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وبالتالي لم تتأخر أنقرة طويلا في إعلان موقفها من «العاصفة»، وتقديم الدعم اللوجستي لعملياتها.
مخرجات ذلك التقارب بدأت في الظهور، فها هي قبضة الرئيس السوري بشار الأسد بدأت في الارتخاء، بحيث حقق معارضوه المسلحون نتائج غير مسبوقة على أرض المعارك، تهاوت خلالها قوات النظام في عدة مناطق، الأمر الذي يُوحي برفع سقف الدعم المقدَّم من العواصم الداعمة للمعارضة، وعلى رأسها الرياض وأنقرة.
وهناك أكثر من سبب يشجع تركيا على اتخاذ قرار «عاصفة حزم» في سوريا، من بينها التشابه بين الحالتين اليمنية والسورية، لجهة المحاور الإقليمية المتنازعة، فضلا عن إمكانية استثمار أنقرة لعمليات التحالف في اليمن لاستنزاف إيران كليا، ما سيقلل من أوراق قوة بيدها في مواجهة تركيا، هذا إلى جانب أن ما تمتلكه أنقرة نفسها من عناصر قوة وتفرد في المشهد السوري، من دون نسيان القدرات العسكرية العالية لأنقرة، وغير ذلك من معطيات.
الصعوبات والعراقيل التي قد تواجه أنقرة، في حال توجهت لتنفيذ تحرك عسكري ضد الأسد, لا يمكن تجاهلها, ومن بينها الفرق الجوهرى بين سوريا واليمن, في الميزان الاستراتيجي الإيراني, كما أن لدى إيران أوراقا أخرى تستطيع استغلالها, منها قدرتها على استثمار تجاذبات المشهد التركي الداخلي, ولاسيما العلويين والأكراد, ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات داخلية تخشاها تركيا.
ومن الصعوبات، كذلك، تعذر فتح جبهة جديدة من قِبل دول التحالف قبل تحقيق إنجازات حاسمة في الجبهة اليمينة, فضلاً عن صعوبة إجماع التحالف على التحرك العسكري في سوريا، باعتبارها حربا مباشرة مع إيران, بخلاف «عاصفة الحزم»، التي أقصى غاياتها إعادة التوازن إلى اليمن، ودفع الجميع مجددا إلى طاولة الحوار.