
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
في الوقت الذي يضغط غلاء الأسعار على المواطن والمقيم، على حد سواء، وينتقل من قطاع لآخر، من دون هوادة، ليطول غالبية متطلبات حياتنا اليومية، نجد الجهات الرقابية المعنية بالرقابة وحماية المستهلك، متمثلة بوزارة التجارة والصناعة، لا تتحرك تحركاً جاداً، لمكافحة هذه الظاهرة، وكل ما تفعله هو تشكيل لجان «لا تسمن ولا تغني من جوع»، لتضاف إلى قائمة اللجان التي تم تشكيلها سابقا، والتي من كثرتها لا نستطيع حصرها.
وموجات الغلاء المتتابعة التي نعيشها، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أن اللجان التي شكَّلتها وزارة التجارة، سابقاً، فشلت فشلاً ذريعاً، وأكدت أيضاً أن هذا الأسلوب لا يجدي نفعاً في التعامل مع هذه الظاهرة، ويجب أن تكون هناك حلول جديدة، ولكن للأسف، وزارة التجارة تصرُّ على تكرار الأخطاء ذاتها، حيث طالعتنا الأسبوع الماضي بقائمة طويلة من اللجان لتدعيم ومساعدة اللجان السابق تشكيلها، أي «لجان لدعم اللجان»، تحت ادعاء أن هذه اللجان ستجد حلولاً لمشكلة ارتفاع الأسعار، والحقيقة أن هذه اللجان ستكون من اللجان السابقة، ولن نحصد منها إلا تحميل المال العام أعباء مالية جديدة.
اللجان.. هواية مفضَّلة
منذ سنوات ووزارة التجارة المعنية برقابة الأسواق، والتي يفترض أن تكون «اليد الأمينة» على المستهلك، لا تقوم بدورها، كما يجب، واكتفت بالجلوس على مقاعد المتفرجين، فهي ترى أن تزايد الأسعار مستمر، والغلاء يضرب المواطن والمقيم، جهاراً نهاراً، وكل ما تفعله تشكيل لجان تعقد اجتماعات، من دون طائل، ومن دون نتائج ملموسة على أرض الواقع، فخلال العام الماضي فقط شكلت الوزارة 4 لجان معنية بالأسعار، إحداها كانت برئاسة وزير التجارة والصناعة (السابق)، ومحصلة كل هذه اللجان بقاء الأوضاع كما هي، بل تفاقمت المشكلة في بعض الأحيان، وها هي الوزارة تمارس هوايتها المفضلة في تشكيل اللجان، حيث أصدر وزير المالية وزير الصناعة والتجارة بالوكالة، أنس الصالح، مجموعة من القرارات الوزارية لتشكيل لجان فرعية داعمة لأعمال اللجنة الوطنية لحماية المستهلك، وبعضوية ممثلين عن الجهات المختصة ورئاسة أعضاء من اللجنة.
وتشمل اللجان المؤلفة «لجنة التأكد من مطابقة السلع والخدمات لمواصفات ومقاييس الجودة»، ولجنة «التحقيق في الشكاوي التي تقدم من المستهلكين وجمعيات حماية المستهلك»، ولجنة «دراسة العقود النمطية في مختلف مجالات الاستهلاك والخدمات»، ثم تشكيل لجنة إعلامية.
ترويج لـ «اللجان»
وكالعادة، الحقت الوزارة الإعلان عن تشكيل هذه اللجان بالترويج لها مقدماً، بقولها «إن تشكيل هذه اللجان خطوة مهمة من الخطوات التي تتخذها الوزارة لتعزيز دور المستهلك، ونشر الثقافة التوعوية لديه، وضبط السوق، والحد من الظواهر السلبية التي من شأنها الإضرار به، وحفظ حقوقه، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي، من خلال الوصول إلى الأمن الشرائي في السوق».
والأمر المؤكد، والذي يجب أن تعرفه وزارة التجارة والصناعة، أننا «سئمنا اللجان» و»سئمنا الحديث عن اللجان» و»سئمنا الحلول الترقيعية»، التي لا تجدي نفعاً، ونحن لسنا بحاجة إلى تشكيل لجان جديدة، وكل ما نحتاج إليه، هو تحرك حقيقي، للسيطرة على مشكلة ارتفاع الأسعار، وإذا كانت الوزارة تحتاج إلى دراسات عن واقع السوق والأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، فكل ما عليها فقط، هو فتح الأدراج في الوزارة، وستجد عشرات الدراسات التي أُعدت عن ارتفاع الأسعار، وكيفية علاج هذه المشكلة، وبالتأكيد ستجد هذه الدراسات حديثة وصالحة، لأن اللجان التي وضعتها لم يمضِ على تشكيلها وقت طويل، وسيكون دور الوزارة محصوراً فقط في التطبيق على أرض الواقع.
ارتفاع التضخم %3
من المعروف أن زيادة الأسعار أقرب ما تكون لكرة الثلج التي تكبر وتتمدد، فالزيادات السعرية لم تقتصر على السلع العذائية والخضراوات والفواكه، بل وصلت إلى قطاعات أخرى، حيث أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم) في الكويت بمعدل 3.33 في المائة في مارس الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من عام 2014 (على أساس سنوي).
وقالت الإدارة في تقريرها الشهري عن التحليل الاحصائي للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين عن شهر مارس الماضي إن معدل التضخم في الكويت ارتفع في مارس الماضي عن مستوياته المسجله في فبراير الماضي (على أساس شهري) بنسبة 0.74 في المائة، مبينة أن الرقم القياسي الشهري لأسعار المستهلكين شهد في مارس الماضي ارتفاعاً في 7 من مجموعاته الرئيسة المؤثرة في حركة الأرقام القياسية، وانخفاضا في 4، واستقرارا في مجموعة واحدة، هي الاتصالات.
وذكرت أن الرقم القياسي للمجموعة الرئيسة الأولى (الأغذية والمشروبات) ارتفع في مارس الماضي 1.72 في المائة، مقارنة بالشهر ذاته من عام 2014، وارتفعت 6 مجموعات فرعية ضمن مجموعة الأغذية والمشروبات، مشيرة إلى أن المجموعة الرئيسة الخامسة (الصحة) ارتفع فيها التضخم في مارس الماضي بنسبة 2.07 في المائة على أساس سنوي.
وأوضحت أن الرقم القياسي للمجموعة الرئيسة الحادية عشرة (السلع والخدمات المتنوعة) ارتفع على أساس سنوي بنسبة 2.59 في المائة، كما ارتفع على أساس شهري بنسبة 0.15 في المائة، في حين شهدت المجموعة الأخيرة (خدمات المسكن) ارتفاعا سنويا بنسبة 6.35 في المائة.