أكدت القوى الديمقراطية والتقدمية في الكويت، رفضها واستنكارها للإجراءات الأمنية التي أخذت تتبعها السلطات المعنية تجاه المواطنين والنشطاء السياسيين، وخروجها عن السلوك الصحيح في تطبيق القانون، وانتهاكها للحقوق والحريات العامة التي كفلها دستور 1962.
وتأتي هذه المواقف، على خلفية قيام السلطات الأمنية بإبعاد سعد العجمي عن البلاد، أخيرا، وما أُشيع عن اختطاف الناشط عبدالله الرسام.
فقد أكد المنبر الديمقراطي الكويتي في بيان له، أن السلطات في الكويت لاتزال تواصل تعديها المباشر على الحقوق والحريات العامة، من خلال نهجها في مواجهة العناصر المعارضة لتوجهاتها، باتخاذ مبدأ سحب الجنسية عنهم، تحت ذرائع ومبررات متعددة، مستخدمة غطاءً قانونياً أو سيادياً، في حين أن الوقائع السياسية تثبت غير ذلك، وأن ما اتخذ من قرارات بهذا الشأن، يؤكد بما لا يقبل مجالا الشك، أنه قرار سياسي، له اعتبارات معينة، من خلال انتقائها عددا من الشخصيات والناشطين، وهو سلوك ليس وليد اللحظة، بل له امتدادات تاريخية سابقة.
وأضاف البيان أن السلطة تأتي اليوم، لتكرر هذا السلوك، وسط صمت مستغرب من القطاعات السياسية الشعبية المختلفة، ومن المجتمع المدني المنادي بالحريات والحقوق العامة، ما أعطى السلطة الجرأة في المضي قدما بهذا النهج المرفوض وغير المقبول دستوريا، وتمارس الدور المستهجن والمرفوض، من خطف واعتقال وإبعاد طال العديدين من النشطاء، آخرهم ما يتعلق بالناشط سعد العجمي، الذي لم توفر له، ولغيره، الضمانات القانونية، ما يدل على وجود اختلال كبير في إدارة السلطة للدولة.
وأكد المنبر الديمقراطي في بيانه، أن ما يحدث اليوم من انتهاكات لحقوق اﻹنسان، يأتي نتيجة عدم قدرة السلطة على استيعاب اﻷصوات المعارضة لها، المنادية بإصلاحات سياسية، وفق أطر دستورية، كما أن موقف المؤيدين والموالين للسلطة، على الرغم من تضررهم من هذا السلوك في أوقات سابقة، يثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب، في حين أنه يفترض بنا، كشعب يتعايش في هذا البلد، رفض أي مسلك وتعدٍ على الحريات، سواء كانت لفرد أم لمجموعات، مهما اختلفنا معهم في اﻵراء والرؤى، اﻷمر الذي يعني فسح المجال لهذه السلطة بالعبث بالمكتسبات الدستورية.
وطالب المنبر بوقف هذا الاستهتار بالقيم والبشر، عبر إصدار تشريع يعيق ويمنع الإبعاد الإداري، من دون حُكم قضائي صريح يؤكد استحقاق هذه العقوبة.
أما التيار التقدمي الكويتي، فأصدر بيانا منددا بهذه التصرفات، وقال: لقد تابعنا، باستياء بالغ، الإجراء الجائر الذي قامت به وزارة الداخلية، بنفي المواطن سعد العجمي عن بلده، الكويت، بعد أن جرى إفقاده جنسيته الكويتية، ضمن القرارات الانتقامية الانتقائية التي اتخذتها السلطة في السنة الماضية، بإسقاط الجنسية الكويتية وسحبها أو فَقْدها من عدد من المواطنين، على خلفية مواقفهم السياسية، وبسبب معارضتهم لنهج السلطة.
وقال «التقدمي» في بيانه إن هذا الإجراء التعسفي لا يتعارض فقط مع مبادئ حقوق الإنسان، وما قرره الدستور، وإنما هو إجراء استباقي يُراد من ورائه، حرمان المواطن سعد العجمي من شرط الإقامة في الكويت لمدة سنة، الذي تنص المادة 11 من قانون الجنسية عليها، لطلب استرداد جنسية الكويتية التي فَقَدَها.
وأكد «التقدمي» حق المواطن سعد العجمي في العودة إلى وطنه، الكويت، ودعا إلى توجيه الجهود الشعبية ونشاط القوى السياسية نحو دفع السلطة إلى إلغاء القرارات الجائرة بإسقاط الجنسية أو سحبها أو فَقْدها من عدد من المواطنين، وذلك بالتزامن مع ضرورة التراجع عن نهج التضييق على الحريات العامة وملاحقة عناصر المعارضة، والإسراع في إطلاق سراح المحكومين المعتقلين في قضايا الرأي والقضايا السياسية.
قضية عبدالله الرسام
وفي ما يتعلق بقضية الناشط عبدالله الرسام، رفض المنبر الديمقراطي السلوك الذي أخذت تنتهجه السلطات اﻷمنية في التعامل مع الخصوم السياسيين، بشكل غريب ومستهجن، وقال الأمين العام للمنبر الديمقراطي، بندر الخيران، في تصريح صحافي، إنه يجب أن تعي هذه السلطات أن دورها اﻷساسي يكمن في حماية المواطن، وتثبيت دعائم تطبيق القانون واحترامه وسيادته، واتباع اﻹجراءات القانونية السليمة في أي قضية.
وأضاف أن ما يحدث اﻵن من السلطات اﻷمنية، هو سلوك قمعي وعقابي، الهدف منه الترهيب، وهو أمر مرفوض، ويمثل تعديا فاضحا على حريات اﻷمة وحقوقها الدستورية التي كفلت كرامته وأمنه.
وتوقف الخيران أمام ما يُثار من تصرُّفات أمنية مشبوهة، مثل اختطاف عدد من المواطنين، بحجة طلبهم واستدعائهم للتحقيق، وآخرها ما حدث مع الناشط عبدالله الرسام، المختطف اليوم، وفق ما أثير في وسائل التواصل الاجتماعي، أمام صمت مريب من قِبل وزارة الداخلية، وعدم التعليق أو الإفصاح عن هذا الحدث، الذي يشكل مرحلة جديدة خطيرة وسلوكا شائنا من قِبل بعض الأجهزة الأمنية المنفذة، ويستوجب الوقوف أمامه ورفضه من كافة الأطراف المعنية بالشأن العام، سواء أكانت سياسية أم حقوقية أو مدنية، وأولها السلطات ذات الصِلة المباشرة، سواء التشريعية المعنية بالمراقبة والتشريع، وكذلك التتفيذية المعنية بالتطبيق.
وأكد الأمين العام للمنبر، أنه لا يجوز أبداً السكوت والقبول بالتعدي على القانون وأدواته المشروعة من قِبل أي طرف كان، لذلك ينبغي تدارك مثل هذه المسلكيات، والتراجع عنها قبل أن تتفاقم الأمور وتصل إلى مرحلة من الفوضى، نتيجة تخبُّط وجهل بعض السلطات، والتراجع عن أدوارها المستحقة.
من جانبه، قال التيار التقدمي في بيان له إن اختطاف المواطن عبدالله الرسام، الذي يُعد ناشطا سياسيا في صفوف المعارضة، يمثل استمرارا للتصعيد القمعي الشديد الذي تمارسه السلطة، سواء عبر عمليات الاختطاف الأمني المتواترة للناشطين السياسيين، أو عبر المحاكمات السياسية وإصدار الأحكام السياسية بالسجن لسنوات، أو عبر التهديد الوظيفي وقطع الأرزاق، أو عبر فض المسيرات السلمية بالقوة، أو عبر سحب الجنسية أو إسقاطها أو فقدها، أو عبر النفي خارج الوطن، وهي جميعا ممارسات تعبر عن ضيق خيارات السلطة في التعامل مع الشأن السياسي، وفشلها في إدارة الدولة والمجتمع، وهو فشل متراكم منذ عقود.
وقال إن فشل السلطة الواضح وتصعيدها القمعي يتطلب منا التعاضد، لمواجهة هذا الواقع المتردي، عبر الصمود في وجه الترهيب، والتنسيق السياسي والشعبي، ما أمكن، لمقاومة تعسف السلطة.
وجدد التيار التقدمي الكويتي رؤيته في حل الأزمة السياسية في البلاد، بأن تتخلى السلطة عن نهجها غير الديمقراطي، وأن تستجيب للمطالب الشعبية، بإطلاق الحريات العامة، وإلغاء مرسوم قانون الصوت الواحد، وحلّ المجلس والحكومة الحاليين، وإجراء انتخابات نيابية على أسس ديمقراطية، وذلك في الوقت الذي نتمسك فيه بالمطلب الاستراتيجي، المتمثل في تحقيق الإصلاح الديمقراطي الشامل، المؤدي إلى استكمال قيام النظام الديمقراطي البرلماني، وذلك في إطار الدولة المدنية الحديثة، التي تحترم كرامة الإنسان وحقوقه وحريته الشخصية، وتتيح للمواطن المشاركة الفعالة في بناء وطنه وتقدمه على أسس من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفر