
كتب: محرر الشؤون المحلية
مع ارتفاع حالات الإصابة بمرض إنفلونزا الخنازير (H1N1 ) في الكويت إلى 143 حالة، بين المواطنين والمقيمين، خلال عام 2014، وتزايد الوفيات إلى 8 أشخاص، قضوا بهذا الفيروس خلال الأشهر الأربعة الماضية، تتزايد المخاوف من تفاقم المرض وانتشاره بصورة أكبر في البلاد.
ورغم تطمينات وزارة الصحة، مرة على لسان وزيرها د.علي العبيدي، ومرات على لسان وكيلة الوزارة لشؤون الصحة العامة د.ماجدة القطان، بأن الفيروس تحت السيطرة، وأن معدلات الإصابة به طبيعية في الكويت، فإن الواقع يقول غير ذلك، ويفضح ضعف إجراءات الوقاية وغيابها، كلية أحياناً، فضلاً عن عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية في المطار وبقية المنافذ الحدودية، لمنع دخول المصابين بالأمراض السارية المعدية القادمين من البلدان الموبوءة.
وكشفت وفاة مواطنة حامل بتوأم في مستشفى العدان، أخيرا، عن خلل كبير في اتخاذ الإجراءات الوقائية، إذ تبيَّن، وفق المصادر، أن المواطنة شُخصت حالتها على أنها أعراض التهاب رئوي، ثم اتضح لاحقاً إصابتها بفيروس إنفلونزا الخنازير، ومع تفاقم حالتها، فارقت الحياة، بعد ولادة الطفلين.
وفاة مواطن
وجاءت أيضاً وفاة مواطن قبل شهر في مستشفى مبارك بالأعراض نفسها، لتؤكد عدم استعداد وزارة الصحة بإجراءات كافية، للحيلولة دون انتشار هذا الفيروس وغيره من الأمراض الأخرى المعدية.
والغريب في الأمر، غياب الشفافية من جانب مسؤولي «الصحة»، حيث أكدوا بداية الأمر، أن المواطن توفي، لأنه يعاني أزمة تنفسية، سرعان ما تطوَّرت إلى الربو، ولأنه يعاني، أيضاً، السمنة المفرطة، فقد كان من الصعب السيطرة على حالته الصحية، التي تدهورت، ومن ثم حدثت الوفاة, وهو ما نفاه أقارب المتوفى، حيث أكدوا أنه توفي من جراء الإصابة بإنفلونزا الخنازير، وأنه لم يتلقَ الرعاية الكافية في المستشفى.
وكشفت مصادر صحية مسؤولة عن وجود عشرات الإصابات بإنفلونزا الخنازير في مركز التأهيل الرئوي – التابع لمنطقة الصباح الصحية، محذرة من أن بعض هذه الحالات خطيرة.
تحذير
وأكدت المصادر وجود إصابات أخرى بمستشفى الأمراض الصدرية، لكن المصادر نفسها حذرت من الوضع المؤسف في مستشفى العدان، حيث تكررت حالات الإصابة بالمرض، وتوفي مواطنون ومقيمون، من جراء إصابتهم بفيروس إنفلونزا الخنازير، من دون اتخاذ الإجراءات الاحترازية المطلوبة، كما تبيَّن وجود إهمال، بدءاً من التأخر في إجراء الفحوص المختبرية لتشخيص المرض، مروراً بضعف الرعاية الصحية للمصابين، انتهاء بعدم الشفافية في الإعلان عن الإصابة وأسباب الوفاة، والتعمية على الرأي العام في هذا الشأن وتضليل المجتمع.
ومما يثير القلق، عدم تفعيل الوزارة للإجراءات الوقائية، للحد من انتشار المرض، خصوصاً ما يتعلق بحركة المسافرين عبر المطار والمنافذ الجوية والبحرية، حيث تغيب الكاميرات الحرارية التي تفحص الأشخاص لدى دخولهم البلاد، وتكشف المشتبه بإصابتهم بالمرض.
دور هزيل
ومن الغريب، أن وزارة الصحة اختزلت دورها في مجرد التنبيه على ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لمنع تفادي الإصابة بالمرض، من دون تفعيل الخطط اللازمة لمنع العدوى، ما أدَّى إلى انتشار المرض بصورة غير مسبوقة خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ووفق مصدر مسؤول، فإن الوزارة سجلت أكثر من 8500 حالة إصابة بمرض إنفلونزا الخنازير منذ ظهوره في عام 2009 حتى منتصف أبريل الجاري، ومع ذلك تعلن الوزارة، مرارا وتكرارا، أن المرض تحت السيطرة, وأنه لا داعي للقلق.
ورغم عدم وجود إحصائية دقيقة للإصابات والوفيات، لكن مسؤولين صحيين أكدوا أن الرقم الذي أعلنته وزارة الصحة أخيرا، حين كشفت عن 135 حالة إصابة بإنفلونزا الخنازير، وذلك في معرض ردها على منظمة الصحة العالمية، أقل بكثير من الإصابات الموجودة على أرض الواقع، فكثير من الحالات تدخل المستشفيات، إثر ظهور أعراض إنفلونزا الخنازير، ويتم التعامل معها على أنها حالات إنفلونزا موسمية، وتتلقى العلاج، وتمضي إلى حال سبيلها، ما يؤدي إلى انتشار الفيروس.
تعامل باستخفاف!
وقال المصدر إن وزارة الصحة تتعامل مع الأمراض المعدية باستخفاف، مدللاً على ذلك، بالاستعانة أخيرا بخبير من منظمة الصحة العالمية، لتقييم الوضع الصحي في البلاد، والوقوف على الإجراءات الاحترازية والوقائية والتدابير المطلوبة للوقاية.
واستغربت المصادر عدم تقييم الوضع الصحي طوال هذه الفترة، ولماذا صمتت الجهة المسؤولة عن الشأن الصحي طويلاً، ولم تقم بدورها في تقييم انتشار الأمراض المعدية التي تهدد حياة المواطنين والمقيمين؟ وتساءلت: أين كوادرها الوطنية من هذا التقييم، حتى تضطر إلى الاستعانة بخبير من منظمة الصحة العالمية؟
وكشفت جولة «الطليعة» في مستشفى العدان عن غياب تام للإجراءات الوقائية، فيما سادت حالة من الهلع بين المرضى والمراجعين والأطقم الطبية والتمريضية، بعد تكرار حالات الوفاة، من جراء الإصابة بإنفلونزا الخنازير في أجنحة المستشفى الطبية.
وطالب د.سالم الهاجري بتوفير التطعيمات ضد فيروس H1N1 بجميع المراكز الصحية، وعمل مسح صحي شامل في البلاد، للحيلولة دون انتشار الفيروس.
وأكد أن مرض إنفلونزا الخنازير، وغيره، قابل للانتشار، بسبب عدم اتخاذ إجراءات مشددة في المطار والمنافذ، فكثير من المواطنين والمقيمين يسافرون إلى بلدان موبوءة بالأمراض السارية، ثم يعودون منها بلا فحص، وهذا يؤدي إلى انتشار المرض.
الأمراض السارية
أما د.رضوى الخالدي، فذكرت أن مستشفى الأمراض السارية غير جاهز تماماً لاستقبال المزيد من الحالات المصابة بالأمراض المعدية حال انتشارها، مشيرة إلى ضرورة تفعيل الخطط الوقائية والاحترازية واعتماد خطة طوارئ.
ووفق اختصاصي الأمراض الباطنية بمنطقة الصباح الصحية د.محمد شهاب الدين، فإن العدوى بمرض إنفلونزا الخنازير سريعة جداً، مقارنة بغيره من الأمراض الفيروسية، مشيراً إلى تطور المرض، وتحوره، وظهور نوع أو شكل جديد خلال الآونة الأخيرة له القدرة على الانتقال من شخص إلى آخر، بمجرد المخالطة اليومية البسيطة، فضلاً عن إمكانية انتقال الفيروس إلى الأشخاص الذين ليس لديهم أي اتصال مباشر بالشخص المصاب، حيث قد ينتقل الفيروس في محيط كبير، إثر السعال أو حتى التنفس.
غرف العزل
وحذر مسؤول صحي، رفض ذكر اسمه، من أن غرف العزل التي تحدث عنها مسؤولو الصحة العامة ليست مجهزة بالأجهزة الطبية المطلوبة، لمعالجة المصابين بالأمراض السارية، كاشفاً عن نقص كبير في العقاقير والمستلزمات الطبية.
وأشار إلى أن تأخر التشخيص لدى وصول حالات مصابة بأمراض فيروسية إلى المستشفيات والمراكز الطبية ينذر بانتقال العدوى، كما أن ذلك يشكل خطورة على حياة المرضى ومخالطيهم.
ولفت المصدر إلى أن بعض المستشفيات تخلو من إجراءات الوقاية، ومن ثم تتعرَّض الأطقم الطبية والتمريضية للإصابة، وهو ما حدث في أحد مستشفيات منطقة الصباح الطبية، حيث أصيب طبيب وممرضة بفيروس إنفلونزا الخنازير قبل فترة، من جراء مخالطة المرضى، كما أصيب مريض كان محتجزا في جناح آخر مصاب في مستشفى العدان.
قلق وهواجس
وفي منطقة الصباح الصحية، أبدى المرضى والمراجعون قلقهم من انتشار العدوى بفيروس إنفلونزا الخنازير وغيره، مؤكدين عدم اطمئنانهم للإجراءات الوقائية لوزارة الصحة.
وقالت هبة عبدالله: نراجع المستشفيات مضطرين، ويسيطر علينا القلق والهواجس، كلما قرأنا وسمعنا عن ظهور حالات إصابة جديدة في البلاد بهذه الأمراض الوبائية، مؤكدة أن المواطنين لا يثقون كثيرا بإجراءات وزارة الصحة للوقاية والعلاج ومنع انتشار المرض.
بدوره، طالب المواطن مشعل العيدان مسؤولي «الصحة» بعقد مؤتمر صحافي، أسبوعياً، للإعلان عن آخر التطورات الصحية في البلاد، محذرا من أن الكثير من المواطنين والوافدين يعودون من بلدان آسيوية موبوءة بالأمراض، ولا يخضعون للفحص الطبي لدى وصولهم البلاد عبر المطار أو المنافذ البرية والبحرية.
المستشفى الصدري
وفي المستشفى الصدري، أبدى المراجعون مخاوف مضاعفة من انتشار الأمراض المعدية، ولاسيما مع تشابه أعراض إنفلونزا الخنازير بأعراض الأمراض التنفسية العادية.
وقال أحمد النجار، وقد وضع الكمامة على أنفه: أراجع المستشفى الصدري بصورة دورية، لأنني مصاب بالربو، وللأسف، فإن العلاج روتيني، والفحص ليس دقيقاً، لكن ماذا نفعل؟.. فليس لدينا القدرة المادية على مراجعة المستشفيات الخاصة.
وأضاف: هذه الزحمة الشديدة، وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية المطلوبة، يساعدان على انتشار الأمراض المعدية.
نقص في التطعيمات
أكد مراجعون في مراكز طبية عدم توافر التطعيمات واللقاحات الواقية من إنفلونزا الخنازير، وغيره من الأمراض الفيروسية المعدية.
وأشاروا إلى أنهم راجعوا هذه المراكز، بعد تأكيد وزارة الصحة، بضرورة أخذ التطعيمات الوقائية، خصوصاً الأطفال والحوامل وكبار السن، إلا أن مسؤولي المراكز الطبية في مناطق عدة طلبوا منهم المراجعة بعد أسبوع، لعدم توافر اللقاحات.
مسؤولو «الصحة» صامتون.. ويتجاهلون وسائل الإعلام
في تصرُّف يعكس غياب الشفافية وعدم الرغبة في تحمُّل المسؤولية وإطلاع الرأي العام على التطورات الصحية، يرفض مسؤولو وزارة الصحة الرد على أي تساؤلات للصحافيين والإعلاميين حول مرض إنفلونزا الخنازير، وغيره من الأمراض السارية، ونسبة الانتشار ومعدل الإصابة وحالات الوفاة المسجلة في البلاد.
والغريب، أن هؤلاء المسؤولين الصامتين يعودود ويحذرون من انتشار البلبلة والشائعات عبر «تويتر»، وغيره من مواقع التواصل!
أين التدابير يا مسؤولي «الصحة»؟
أعلن مسؤولو «الصحة»، أخيرا، عن الاستعانة بخبير من منظمة الصحة العالمية، لتقييم التدابير الصحية في البلاد، والسؤال الذي يطرح نفسه: ألم يقيّم مسؤولو «الصحة» الوضع الصحي حتى الآن؟.. وماذا كانوا يفعلون طوال الفترة الماضية، ولاسيما منذ انتشار مرض H1N1 صورة كبيرة خلال الأشهر الماضية من العام الحالي، حيث لم يكد يمر أسبوع، إلا وتظهر حالات إصابة جديدة؟
