كتب محرر الشؤون العربية:
تلوح في أفق الصراع العسكري العربي الدائر في اليمن، بقيادة السعودية، بوادر حرب برية وشيكة، لتخليص اليمنيين من قبضة جماعة أنصار الله ـ الحوثي، وتمكين الرئيس عبدربه منصور هادي من استعادة شرعيته، في وقت بدا فيه الحل السياسي للأزمة الذي تعمل على ترتيبه سلطنة عمان، بعيد المنال.
«داعش» دقّ باب المملكة
ملابسات عديدة، تعزز فرضية التدخل البري في اليمن، على رأسها إعلان السعودية، أخيراً، أنها ألقت القبض على أحد المشتبه بهم في إطلاق نار نتج عنه مقتل رجلي أمن شرق العاصمة (الرياض)، وتبيَّن أنه نفذ عمليته «امتثالاً لتعليمات تلقاها من عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش»، في تزامن لافت ومثير مع أول ظهور إعلامي رسمي للتنظيم المتطرف في اليمن، أعلن خلاله ناشروه البيعة لمن أسموه «خليفة المسلمين أبوبكر البغدادي»، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً يعصب تغاضيه سعودياً، ولا خليجياً أو عربياً، ويفتح باب التكهنات أمام قيام التحالف بعمليات حاسمة لتأمين المملكة من مخاطر الفوضى.
اللافت، أيضا، أن المسلحين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، لا تزال تخوض معارك عنيفة وبمعدات ثقيلة، ضد العناصر الشعبية الموالية لهادي في مدن يمنية عديدة، رغم ضربات التحالف عليها على مدار شهر، وهو ما يعكس عدم الاستجابة لقرار مجلس الأمن الأخير، الذي قضى بسحب قواتهم من كل المدن، بما فيها صنعاء.
تصعيد مقابل التهدئة
وزاد الوضع تعقيداً، أن التهدئة، التي أعلنتها السعودية بإيقاف «عاصفة الحزم»، لإحداث انفراجة لمبادرة ذات طابع سياسي تحت مسمى «إعادة الأمل»، قوبلت بمسلكية تصعيدية مريبة من الحوثيين، وشهدت تحريك إيران، الحليف القوي للجماعة، سفنا وطائرات، قالت إنها تحمل مساعدات إغاثية وطبية، وسط شكوك سعودية وأميركية، في أنها تحتوي شحنات أسلحة متقدمة كانت ماضية إلى «الحوثي»، ما حدا بالتحالف إلى اعتراضها في الجو والبحر، بينما نشرت واشنطن مزيداً من سفنها الحربية قبالة السواحل اليمنية، لوقف الإمدادات الإيرانية، في حال حدوثها مجدداً.
إجهاض الحل السلمي العماني
وفي الوقت الذي تعمل فيه الدبلوماسية العمانية، بشكل مكثف، لإيقاف التحرُّك البري لقوات التحالف، قرأ مراقبون الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلى الرياض أخيراً، على رأس وفد ضم قائد الجيش ووزير الدفاع، على أنها «إعلان لمن يهمه الأمر»، بأن الباب مفتوح على أكثر من احتمال لإدارة الصراع وإعادة الشرعية في اليمن، ولا سيما مع بروز إشارات أميركية تلمح إلى إمكانية المشاركة في «مرحلة قتالية أخرى» ،طالما أن «عاصفة الحزم» لم تحقق أهدافها، من دون إغفال أن الإدارة في واشنطن تنتظر ضوءا أخضر من مجلس الأمن، يوفر لها غطاء للتدخل مع الحلفاء، لحماية المصالح العالمية في باب المندب.
السيناريو الأخير
السيناريو الأخير الراجح، عملياً، في حال فشلت نهائياً المساعي العمانية لإعادة المتصارعين إلى طاولة التفاوض، قيام القوات البرية السعودية، بمشاركة جيوش عربية وإسلامية من مصر والسودان وباكستان، وربما المغرب والأردن، ووحدات من المارينز الأميركي، بتنفيذ عمليات برية في اتجاهات عدة، بينها إنزال جوي لمقاتلين في الحديدة وعدن وشبوة وحضرموت، لنزع سلطة الحوثيين وإعادة شرعية هادي، في رسالة للتحالف، مفادها أن عصر سيطرة قوى صغيرة مدعومة ومدججة بالسلاح سينتهي، عاجلا أم آجلا.