عضوا منظمة الخط الإنساني طاهر البغلي وحنان العلوي لـ»الطليعة» : التعليم في الكويت لا يتناسب مع حقوق الإنسان والقيم.. ومفاهيمه مضادة

طاهر البغلي وحنان العلوي يتحدثان لـ«الطليعة»
طاهر البغلي وحنان العلوي يتحدثان لـ«الطليعة»

أجرى اللقاء: عزة عثمان
أكد عضوا منظمة الخط الإنساني في الكويت طاهر البغلي وحنان العلوي، أن التسامح من أهم القيم، التي ترسخ حقوق الإنسان وتدعمها، مشيرين إلى أن المنظمة اهتمت بالتسامح، لما له من أهمية كبيرة في حياتنا اليومية، خصوصا على المستوى الإنساني، ومن هذا المنطلق تم تنظيم برنامج تسامح للمرة الرابعة خلال الفترة من 20 أبريل الجاري حتى 2 مايو المقبل.

وتكلمنا في لقاء مع «الطليعة» عن برنامج تسامح، الذي يتحدث عن مبادئ حقوق الإنسان، وحق الطفل، ومناهضة العنف، ويستهدف فئة الشباب، مؤكدين أن التعليم الذي يحصل عليه الشباب منذ طفولتهم لا يتناسب مع حقوق الإنسان، ويعطي مفاهيم مضادة لها، موضحين أن حقوق الإنسان الآن مطلوبة، قيمياً، ويجب غرسها في مرحلة مبكرة، وأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين انتشار العنف وانتهاك حقوق الإنسان، فإذا انتشر التسامح سيقل العنف وتزدهر حقوق الإنسان.

وأشار البغلي والعلوي إلى أنهما في منظمة الخط الإنساني في الكويت يطمحون لإنشاء نادٍ لحقوق الإنسان، بعد انتهاء الدوام المدرسي، وخلال فصل الصيف، معبرين عن تفاؤلهما بتحقيق هذا الحلم خلال العام المقبل، وأنه سيكون مدرسة كبيرة لنشر مبادئ حقوق الإنسان.

قضايا عديدة تناولها اللقاء، وفي ما يلي التفاصيل:في البداية، نريد معرفة سبب عدم إقبال فئة الشباب الآن بحماس على ممارسة النشاط في مجال حقوق الإنسان، كما كانت الأجيال الأولى، التي ظهر منها رواد وناشطون في هذا المجال؟

ـ البغلي: المشكلة الأساسية تكمن في أن التعليم، الذي يحصل عليه الشباب منذ طفولتهم، لا يتناسب مع حقوق الإنسان والبيئة الاجتماعية، بالإضافة إلى أن التعليم الآن يعطي مفاهيم مضادة لحقوق الإنسان.. ومن هنا يأتي دورنا في منظمة الخط الإنساني، وتأتي الحاجة لتدريب الشباب في مراحل مبكرة على حقوق الإنسان، وهنا نضمن الحصول على شيئين؛ الأول نضمن أنه ستكون لدينا فئة كبيرة من الشباب النانشطين بشكل جيد في هذا المجال، والشيء الآخر أنهم سيعرفون حقوقهم ويمارسون حقوق الإنسان في حياتهم الطبيعية، وهذا هو المطلوب.

● هل تريان أن حقوق الإنسان الآن بحاجة لتقويتها، وأن هناك كثيرين فعلا بحاجة فعلية لممارستها، سواء عليهم أم مع الغير؟
ـ العلوي: حقوق الإنسان مطلوبة، قيمياً، وإذا أردنا أن نؤثر في الناس قيميا، فلابد أن نبدأ معهم في مرحلة مبكرة، وإذا لم يحدث ذلك، فإنه من الصعب غرس تلك القيم في مراحل متأخرة.

العنف وحقوق الإنسان

● هل يمكن أن يكون لحقوق الإنسان دور في القضاء على العنف الذي انتشر أخيراً في مجتمعاتنا؟
ـ العلوي: بين العنف وحقوق الإنسان ارتباط وثيق جداً، لأن العنف ينتج ظلماً، واستخدام الفكر الإقصائي والتمييز والعنصرية، كل ذلك في النهاية يولد الكراهية، وبالتالي العنف، فعندما يتربى الطفل على قيم تجعله لا يحترم غيره أو مَن يختلف معه في العرق والجنس واللون، تحدث الكراهية والتمييز، ومن ثم العنف، ولكن عندما تنتشر ثقافة حقوق الإنسان تقل هذه الانتهاكات.

● هل يؤثر تقييد الحريات في الناشطين في مجال حقوق الإنسان؟

ـ البغلي: في الكويت دائما لا يواجه الناشطون في مجال حقوق الإنسان مضايقات بشكل مباشر، إلا في حالات محدودة جداً، وغالباً الناشطون في حقوق الإنسان لا يشعرون بالقلق من الضغط السياسي، إلا إذا كان الناشط، وبشكل غير مقصود، يتجاوز قوانين الدولة، خصوصا إذا كانت غير مطابقة لحقوق الإنسان، كما أنه يمكن القول إنه لو كان مجال الحريات غير موجود، حتى لو بنسبة مائة في المائة، فإن حقوق الإنسان تكون موجودة في الكويت.

برنامج تسامح

● تنظمون الآن برنامج تسامح تستقطبون فيه تقريباً فئة الشباب.. فلماذا تستهدفون الشباب من دون غيرهم؟

ـ العلوي: فعلا، نحن نستهدف في برنامج تسامح الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة، والسبب أنه – كما ذكرت سابقا – أن لدينا مشكلة كبيرة في التعليم، فهو لا ينشر ثقافة حقوق الإنسان ولا القيم، لذا كان لزاما علينا في منظمة الخط الإنساني التوجه إلى الشباب، لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لديهم، من خلال كل الوسائل المتاحة، سواء عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أم تنظيم الدورات، التي تغرس ثقافة حقوق الإنسان، مثل برنامج تسامح، وهذه الدورة نظمناها ثلاث مرات من قبل، وكانت ناجحة جداً، والدليل على ذلك، أن من دخلوها في أول مرة دخلوها في المرات اللاحقة، خصوصا أنهم تعلموا ورأوا خلالها أشياء لم يجدوها في المدرسة، كما أننا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة ماسة لتحويل ثقافة العالم من ثقافة كره وتعصب وحرب إلى ثقافة حوار وتعايش، وجوداً وفكراً، وهذا لن يتم إلا من خلال غرس قيم حقوق الإنسان في الناشئين والشباب على يد الجميع، سواء منظمات حقوقية، أو رجال فكر، أو التعليم والتربية.

● لماذا تمت تسمية البرنامج باسم تسامح؟

ـ العلوي: لأن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوُّع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير والصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد، وهو الوئام في سياق الاختلاف، كما أنه ليس واجبا أخلاقيا فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني، أيضا، والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام، ويسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب، بالإضافة إلى أن البرنامج يهدف إلى تعليم الشباب على مفاهيم التسامح والمساواة وثقافة السلام والمواطنة، كما سمي البرنامج بهذا الاسم، للتركيز على أحد أهم القيم الأساسية التي يسعى البرنامج لتحقيقها، باعتبار أن التسامح هو أحد أهم الأسس التي تقوم عليها حقوق الإنسان، فالعنصرية والكراهية من أهم أسباب انتهاكات حقوق الإنسان في العالم.

● كل مَن يعمل في مجال حقوق الإنسان يركز أول ما يركز على التعليم على حقوق الإنسان، وليس نشرها أولاً.. فلماذا تركزون على التعليم قبل النشر؟
ـ البغلي: لأن الحرب تبدأ في عقول البشر، وفي عقول البشر أيضا لابد أن تنشأ حصون السلام، وهذا ضمن الميثاق التأسيسي لليونسكو 1974.
● ما الهدف من برنامج تسامح وتكراره مرات؟

ـ البغلي: برنامج تسامح، هو أحد برامج منظمة الخط الإنساني، موجه لفئة الشباب، كما ذكرنا، بهدف تنمية ثقافة حقوق الإنسان بين الجيل الشاب، وتعزيز مفاهيم التسامح والمساواة وثقافة السلام والمواطنة، ويهدف تعليم حقوق الإنسان إلى توصيل هذه الحقوق للأفراد، حتى يتمكنوا من الاستفادة منها، ويقوموا بمنحها لغيرهم، ويعد تعليم حقوق الإنسان، بحد ذاته، حقاً إنسانياً ذكر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث جاء في الإعلان «أن يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته، واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم على الدوام، ومن خلال التعليم والتربية، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات».

 وذكر في العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

 منظمة الخط الإنساني

● ما مهام منظمة الخط الإنساني في الكويت؟
ـ البغلي: هي منظمة مجتمع مدني، معنية بتعزيز حقوق الإنسان، والدفاع عنها، كما وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، من دون استثناء أو تمييز.

وتعمل المنظمة عن طريق التوعية والتدريب على مفاهيم وآليات حقوق الإنسان ورصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وإصدار تقارير موضوعية بشأنها، وعبر التعامل المباشر مع شتى أنواع الانتهاكات، والعمل على إيجاد حلول لها، والسعي لتكريس ثقافة التسامح والتعايش السلمي، وهذه المنظمة ليس لها أي توجه سياسي أو ديني، وتنتهج الموضوعية في التعامل مع القضايا الإنسانية.

● هل ترون في المنظمة أن ثقافة حقوق الإنسان حاجة اجتماعية ملحة في وقتنا هذا؟
ـ العلوي: إن علاج أي مشكلة يستلزم أن نتعامل مع جذورها وأسبابها، لتكون المعالجة فعَّالة، فنبدأ العلاج من أساس المشكلة بشكل جذري، وليس مجرد التخفيف من أعراضها، ولا شك أن مجتمعنا يعاني مشاكل عدة وتحديات صعبة، من أبرزها الصراعات الداخلية بين فئات المجتمع على أسس طائفية وقبلية وغيرها، وهذه الصراعات التي كانت موجودة دائما بدرجة ما، مع المشكلات المرتبطة بها، وصلت اليوم إلى مرحلة تهدد السلم الاجتماعي، برمته، وقد تدخلنا في صراع قد يتجاوز الوسائل السلمية.

وتبدو أي محاولات لتناسي هذه الصراعات والتركيز على الوحدة الوطنية مجرد محاولات حالمة غير واقعية، فأفراد المجتمع يعتبرون أن وجود هذا الصراع الاجتماعي، من طبيعة الأشياء، والكثير من هؤلاء تربوا على كره أو نبذ أو تحقير الفئات الاجتماعية الأخرى.. إما عن طريق البيت، أو الوسط الاجتماعي، أو المدرسة، ويبدو من المنطقي أن يكبر الطفل وهو يكره المختلف عنه، ويحاول التخلص منه، لأنه ببساطة تربى على ذلك، لذلك يكون من المنطقي أن أي إصلاح لهذا الوضع سيكون عن طريق تنشئة الأطفال بشكل مختلف، تنشئتهم بطريقة ينبذون فيها التمييز ويقبلون الاختلاف ويحترمون المختلف الذي يعيش معهم، ونرى أن القيام بهذا الحل سيؤدي إلى نتائج مبهرة على المديين المتوسط والبعيد، وستنعكس إيجابا على السلم الاجتماعي والاقتصاد والتنمية، إلا أن تطبيق هذا الحل يحتاج إلى مشاريع ذات طابع مؤسسي تعمل على تبني برامج متخصصة، وهذا لن يكون إلا بدعم من الدولة، أو من قِبل مؤسسات المجتمع المدني، بالتعاون مع الرعاة المحليين.

عمل كويتي خالص

● ما طموحاتكم خلال السنوات المقبلة؟
ـ العلوي: نتمنى أن يصبح برنامج تسامح نادياً بعد الدوام المدرسي، وخلال عطلة الصيف أيضاً، وبدأنا الخطوات الأولى لتحقيق هذا الحلم، وخلال السنة المقبلة سيكون هناك نادٍ بعد الدوام المدرسي، نعمل الآن على وضع الصورة النهائية له، ونسعى إلى أن نقوم من خلال هذا النادي بنشر ثقافة حقوق الإنسان

«تسامح».. عمل كويتي خالص

في سؤال لـ«الطليعة» حول ما يميز برنامج تسامح عن غيره من البرامج الأخرى، قال البغلي:

يتميز برنامج تسامح في الوسيلة التي نستخدمها خلاله، فهي ليست نمطية، ونستخدم فيها أحدث الوسائل في التعليم بهدف التغيير القيمي، لأننا نهدف إلى غرس قيمة حقوق الإنسان، قبل تحفيظ المتدربين الأفكار الخاصة بحقوق الإنسان، وهذا البرنامج عمل كويتي خالص، فتصميم المحتوى التدريبي تم على يد فئات شبابية وغير شبابية كويتية، وهذا التصميم أخذ شهور من الفريق، وحتى القدرات العمرية قمنا بمراعاتها، ومحتوى التدريب صمم بحيث يتماشى مع محتوى الثقافة المحلية الكويتية، والتدريب تفاعلي، وليس تلقينياً، وفي نهاية البرنامج هناك مشروع تخرُّج، بحيث يخرج المتدربون آخر يوم للمجمعات، ليقوموا بعمل توعية، وخلال الدورة نربط بين الرسم وحقوق الإنسان، من خلال الفنانة صفاء العوضي.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.