
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
في الوقت الذي تعاني فيه الميزانية تراجع الإيرادات خلال العام المالي 2016/2015، من جراء التراجع الكبير في أسعار النفط، ظهر تهديد جديد، ينذر بتفاقم هذا التراجع في الإيرادات، وهو احتمالية توقف الإنتاج النفطي من منطقة عمليات الوفرة المشتركة (حقل الوفرة)، التي تتقاسم إنتاجها النفطي الكويت مع المملكة العربية السعودية.
وقد ذكرت مجلة «ميد»، المتخصصة في الشؤون الاقتصادية الأسبوع الماضي، أن شركة شيفرون السعودية (تدير حصة السعودية في حقل الوفرة) أبلغت السلطات الكويتية، عزمها إيقاف العمليات في حقل الوفرة، وذلك اعتباراً من 9 مايو المقبل، وأن لدى الشركة خططاً للانسحاب من العمل في الحقل المذكور.
وفي الشأن ذاته، ذكرت وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية، أن شركة شيفرون السعودية ستبدأ في 9 مايو المقبل إغلاق الحقول النفطية المشتركة بين الكويت والسعودية بمنطقة الوفرة، بعد فشل الطرفين في التوصل إلى حل لخلافاتهما يضمن استمرارية الإنتاج، وأضافت الوكالة أن الشركة أرسلت كتاباً إلى المسؤولين الكويتيين، تحدد فيه تاريخ إيقاف الموظفين للعمليات والإنتاج والانسحاب من الجانب الذي تديره الكويت من منطقة الوفرة، مرده أنه لا يمكن الاستمرار بالإنتاج والتصدير، في ظل نقص العمالة الأجنبية، بسبب قيام وزارة الشؤون الاجتماعية في الكويت بإغلاق ملف الشركة، والتوقف عن منح أو تجديد تراخيص عمل لموظفيها منذ العام الماضي.
أبعاد أخرى
ومع التسليم بأن لهذا القرار، وعزم الشركة وقف عملياتها أبعاد أخرى، غير التي ذكرتها الشركة، تتعلق بحق إدارة الحقل، وغضب الكويت من عدم مشاورتها، حين جددت السعودية امتياز «شيفرون» لإدارة منطقة الوفرة في 2009 حتى عام 2039، الأمر الذي دعاها العام الماضي إلى وقف المميزات التي كانت تحصل عليها «شيفرون»، مثل الإعفاءات للمواد والمعدات المستخدمة، وغيرها من الأمور اللوجستية، ومنح تصاريح استقدام العمالة، إلا أن هذا القرار ستكون له نتائج سلبية على الإيرادات العامة للدولة، ومن ثم على ميزانية العام الحالي.
الخفجي.. ثم الوفرة
ويأتي التهديد بوقف إنتاج حقل الوفرة، بعد أشهر قليلة من وقف السعودية لكامل الإنتاج من حقل الخفجي المشترك، المقدَّر إنتاجه بين 250 و300 ألف برميل يومياً (نصيب الكويت منها 50 في المائة)، رداً على الإجراءات التي اتخذتها الكويت بحق شركة شيفرون.. أما حقل الوفرة المشترك، فيتراوح حجم إنتاجه بين 200 و250 ألف برميل يومياً، نصيب الكويت منها 50 في المائة أيضا، ليكون إجمالي حصة الكويت من الحقلين نحو 250 ألف برميل يومياً من النفط. وهذه الحصة وفقا لسعر النفط الكويتي، البالغ 59.3 دولاراً للبرميل (المعلن من مؤسسة البترول الكويتية يوم الجمعة 24 الجاري) تقدر بنحو 5.4 مليارات دولار سنوياً (بمعدل 15 مليون دولار يومياً في إجمالي عدد أيام السنة).. أما في حال عودة أسعار النفط إلى مستويات الـ 100 دولار، فإن الرقم سيتضاعف، وهذا بلا شك سيكون له تأثير كبير على الإيرادات والميزانية العامة للدولة، وسيزيد من احتمالات وقوع العجز المالي.
تراجع الإيرادات
الغريب أنه في ظل هذه الكوارث التي تتوالى على الميزانية، والإيرادات العامة للدولة التي تتراجع بشكل كبير، نجد الإنفاق الحكومي ما زال في تزايد، حيث أكد تقرير شركة كامكو تراجع إجمالي الإيرادات بشكل ملحوظ بنسبة بلغت 11.6 في المائة، ليصل إلى 21.2 مليار دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2015/2014، مقارنة مع 24 مليار دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2013/ 2014، ويعزى هذا التراجع بصفة أساسية إلى انخفاض الإيرادات النفطية بنسبة 12.6 في المائة، لتصل إلى 19.4 مليار دينار، في حين ارتفعت الإيرادات غير النفطية بنسبة 0.5 في المائة، بالغة 1.8مليار دينار.
وأشار التقرير إلى أن المصروفات ارتفعت بنسبة 9.7 في المائة، لتصل إلى 10.6 مليارات دينار، نتيجة ارتفاع النفقات الرأسمالية بنسبة 30.9 في المائة، لتصل إلى 899 مليون دينار، وارتفاع المصروفات الأخرى بنسبة 8 في المائة، لتسجل 9.7 مليارات دينار.
وقد أدَّى تراجع الإيرادات، وارتفاع المصروفات إلى انخفاض ملحوظ في الفائض، الذي تراجع بنسبة 25.9 في المائة، ليصل إلى 10.6 مليارات دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2015/2014، مقارنة مع 14.3 مليار دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام السابق.
تعقيد.. وتفاقم
من المؤكد أن قرار شركة شيفرون، التي تمثل الجانب السعودي في العمليات المشتركة، بوقف الإنتاج من حقل الوفرة، سوف يضيف تعقيداً جديداً إلى المشكلة بين الكويت والسعودية، والتي بدأت بتجديد امتياز شركة شيفرون على الأرض الكويتية من دون الرجوع إلى الكويت، وتفاقمت مع إغلاق السعودية حقل الخفجي المشترك من طرف واحد قبل أشهر، وها هي تزداد تعقيداً مع عزم «شيفرون» وقف الإنتاج من حقل الوفرة.
والسؤال الآن؛ هل ستستطيع الميزانية الكويتية الصمود كثيراً أمام تراجع أسعار النفط، وتراجع الإنتاج أيضاً وتتحمَّل تبعات إغلاق حقل الوفرة، بعد إغلاق حقل الخفجي، بما يحمل هذا الإغلاق من ضرر كبير على الميزانية؟ مع العلم أن إنتاج السعودية لن يتأثر كثيراً بهذا التوقف، فإنتاج المملكة الإجمالي من النفط يفوق ثلاثة أضعاف الإنتاج الكويتي.