
كتب آدم عبدالحليم:
جاء اختيار القائمين على مهرجان الكويت للمونودراما لمسرحية «الجزار»، التي قدمتها فرقة باك ستيج غروب، لتكون إحدى العروض الختامية للمهرجان، موفقاً، بعد أن نجح الممثل الأوحد للعرض عبدالله الخضر في إيصال الرسالة التي صاغها بعناية، تأليفاً وإخراجاً، المخرج محمد راشد الحملي.
فالعرض المسرحي، الذي قام ببطولته ممثل واحد فقط، نجح بكفاءة كبيرة وإمكانات شخصية فائقة وبقالب كوميدي، مستعيناً بأداء غنائي نال الاستحسان، لإقناع المتفرج بقبول فكرة القتل وتقطيع أوصال الظالم، تجسيداً لفكرة الانتقام من الاستبداد وإشباع الرغبة الانتقامية للمظلوم.
فالبطل الذي توفي والده أثناء دراسته في المرحلة الابتدائية لم يسلم من أذى وجبروت شريك والده في محل الجزارة، الذي استولى عقب وفاة والده على المحل وجميع أمواله، إلى جانب زوجته (والدة البطل)، ليجبره في ما بعد ذلك الشريك، بوحشية استبداده، على ترك المدرسة والعمل لديه أجيرا في محل والده المتوفى.
اختيار البطل لنفس الخط الانتقامي، على الرغم من صبره على الظلم لسنوات عدة جعله يدخل في زمرة السفاحين، الذين دأبوا على تقطيع أوصال الآخرين، بعد قتلهم، فقد شعر البطل أن فك قيده، الذي جعله ذليلا لشريك الوالد طيلة حياته، على الرغم من طيبته ومحاولة علاجه قبل وفاته، لن يتم إلا بواسطة أن يتحوَّل ذلك القلب الأبيض إلى جزار وسط مجتمع من الجزارين استباحوا المال والعرض لأطماع شخصية وأحقاد دفينة، ليؤكد عمليا المقولة الشهيرة «إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب».
وعلى الرغم من المشاكل، التي صاحبت العرض، سواء على صعيد الحركة على المسرح أو الإضاءة أو السينوغرافيا، التي وصفت من قِبل أحد النقاد في الندوة، التي أعقبت العرض، بأنها غير ملائمة، وتتعارض مع مبادئ النسبة والتناسب، إلى جانب مشاكل أخرى تتعلق بخروج البطل عن النص وتطرقه إلى جوانب دينية، فضلا عن مشهد الختام، الذي وصف أيضا من أحد المعلقين بأنه بشع، نظرا لإصرار المخرج على تلطيخ الجثة بالدماء في مشهد النهاية، إلا أن العرض حاز رضا الحضور الذي غص به مسرح الدسمة.
ونجاح المسرحية يؤكد أن المسرح الكويتي ورواده في حاجة إلى تلك النوعية من المسرحيات، وأن هناك ضرورة لأن يتسع صدر الرقابة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للأدب السياسي أو الروايات التي تسعى إلى معالجة الأمور الحياتية اليومية بإسقاطات اجتماعية وسياسية.