
كتب آدم عبدالحليم:
يوماً بعد يوم، تؤكد الحكومة أنها لن تتراجع عن نهجها المقيد للحريات العامة والخاصة، وتساعدها في ذلك أغلبية كبيرة من النواب، الذين جعلوا هدفهم التشريعي الأول مساندة السلطة التنفيذية في أجندتها، قبل انتهاء مدة الامتياز، المتمثلة في عمر المجلس الحالي.
ومن المتوقع، وفقاً لذلك النهج، أن تكون المكتسبات الدستورية المتعلقة بالحريات الخاسر الأكبر، ولاسيما بعد تسارع وتيرة تنفيذ تلك الأجندة من النواب الموالين للحكومة.
قوانين مقيدة للحريات
فبعد حزمة القوانين المقيدة للحريات، التي بدأت بالإعلان عن الاتفاقية الأمنية، وقانون هيئة الاتصالات والإعلام الموحد والنشر الإلكتروني، وجمع السلاح، ومكافحة الإرهاب، وزيادة مدة الحبس الاحتياطي، ووصول الأمر إلى اتخاذ خطوات تنفيذية في بعض تلك المشاريع والاقتراحات، بعد إقرار بعضها من المجلس، حطَّ ذلك الاتجاه رحاله في الحقل الطلابي، في محاولة للنيل من مكتسباته.
ثلاث محطات
وقد شهدت الفترات الأخيرة ثلاث محطات، جميعها تصبُّ في الاتجاه نفسه، بدأت بالتحركات النيابية، للدفع بمقترح اتحاد الطلبة، ومرَّت بتأكيد وزارة الإعلام منعها لعدد من المؤلفات لكُتاب كويتيين خلال السنوات الثلاث الماضية، لأسباب مختلفة، لتختتم وزارة الداخلية تلك المحطات، بمنعها إقامة حفل غنائي توعوي قبيل بدايته بساعات.
وبالعودة إلى مقترح تنظيم اتحاد الطلبة، فقد أثار المقترح ردود فعل واسعة مناهضة له، لكن تلك الردود ستظل غير مؤثرة على الدورة التشريعية للمقترح، والتي تسير بخطوات سريعة في طريق التمرير، بعدما انتهى متبني المقترح من الخطوة الأخيرة، بتحويله إلى اللجنة المختصة عقب الموافقة عليه من اللجنة التشريعية بأغلبية أعضائها.
كل تلك المؤشرات تؤكد أن إقرار المقترح في دور الانعقاد الحالي مرهون بمدى قدرة تصدي القوى السياسية والطلابية له بشكل منظم، وعدم التعويل على المجلس الحالي، ولاسيما أن عدد معارضي المقترح لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.
واستمراراً لذلك النهج، فقد أعلن وزير الإعلام في إجابته عن أحد الاسئلة، أن هناك 32 كتاباً ورواية لكُتاب وأدباء كويتيين تقدَّموا إلى وزارة الإعلام، لترخيصها خلال السنوات الثلاث الماضية، وتم منع غالبيتها من التداول والبيع داخل الكويت من قِبل الجهة المختصة والرقابة في الوزارة.
وجاءت أغلب أسباب المنع، لمنافاتها الآداب العامة (تلك الكلمة المطاطة التي تستخدمها لجنة الرقابة، كمخرج لها)، إلى جانب أسباب الإساءة الى الأوضاع في الكويت والإساءة لبعض الصحابة وللديمقراطية وأسباب أخرى.
آخر تلك المحطات، ما قامت به وزارة الداخلية بشكل تعسفي، من إلغائها لحفل غنائي توعوي حمل اسم «أنا أحب الحياة»، على الرغم من حصوله على جميع الموافقات الحكومية اللازمة لإقامته. ذلك الأمر، وصفه النائب فيصل الشايع بالمستغرب من الحكومة، ولا يمكن تفسيره، فضلا عن كونه يدخل في إطار الخروج عن النصوص والمبادئ الدستورية والانصياع للجماعات المتشددة، التي قال عنها إنها تقيم احتفالاتها، من دون منع وبدعم وبنفوذ قويين. وعلى الرغم من خلو المجلس الحالي، نسبياً، من نواب الإسلام السياسي، فإن الحكومة لا تزال ترضح لهم، وتسير على نهجها المقيد للحريات، أو كما أكد الشايع في تصريحه، متسائلاً: إلى متى ذلك النهج الذي جعلنا نتراجع عن الركب الخليجي ودول المنطقة، على الرغم من أن الكويت كانت سبَّاقة في مجال الفنون والآداب بكل صوره، والتاريخ يسجل لها ذلك، كونها كانت منارة مشرقة في تلك المجالات، ولاسيما الفنية منها؟ وقد تؤكد تلك الخطوات العملية، أن الحكومة لن تغيّر نهجها، على الرغم من دعوة نواب لها بمراجعة سياساتها في ذلك الشأن، إلى جانب أن السؤال البرلماني الذي قدَّمه النائب راكان النصف، للاستفسار عن حادثتي منع الكتب وإقامة الحفل لن يؤثر كثيرا في تلك السياسة، باعتباره صوتاً واحداً، إلى جانب صوت آخر أو صوتين في المجلس الحالي يقفان ضد ذلك التوجه