كتب آدم عبدالحليم:
يبدو أن الانتخابات التشريعية المقبلة، المقرر إقامتها في عام 2017، في حال اكتمال المجلس الحالي مدته الدستورية، ستقام بنظام الدوائر الخمس والصوت الواحد، فكل المؤشرات تؤكد أن التوافق الحكومي النيابي غير المعلن يمضى في ذلك الاتجاه، ولاسيما بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة من خارج المجلس في فرض نفسها لتغيير آلية التصويت أو النظام الانتخابي بشكله الأشمل، وهذا ما يفسر عدم تحرك أغلبية من النواب لتغيير النظام الانتخابي، على الرغم من أنهم أكدوا في برامجهم الانتخابية، قبيل إعلان نتائج الانتخابات الأخيرة، أن تغيير النظام الانتخابي سيكون على رأس أولوياتهم، بهدف عودة المناخ السياسي إلى ما كان عليه، ومن ثم التغلب على سلبيات مرسوم الصوت الواحد، الذي أحدت شقاقاً مجتمعياً وسياسياً، وكان السبب في ابتعاد قوى سياسية عن الترشح والانتخاب.
تجاهل مقترحين
يأتي هذا بعد وأد المجلس مقترحين، هدفا إلى تعديل النظام الانتخابي الحالي، بعد أن تقدَّم نائبان مطلع الفصل التشريعي الحالي باقتراحين منفصلين، كان الأول من النائب د.أحمد مطيع، الذي هدف إلى تعديل القانون، كي يحق للناخب التصويت لمرشحين اثنين في الدائرة المقيد فيها، بدلاً من التصويت لمرشح واحد، مع إبقاء الدوائر الانتخابية 5 دوائر، كما هي عليه حاليا.
وعلى الرغم من أن الاقتراح صبَّ في مصلحة مقدمه وقواعده الانتخابية، فإن بعض المراقبين رأى أن المقترح قد يكون حلا وسطا لعودة المقاطعين للمشاركة من جديد، لكن تجاهل السلطتين للمقترح أكد، وبشكل واضح، عدم رغبتهما في تغيير النظام الانتخابي، ولاسيما أن هناك قاعدة شهيرة تؤكد «ليس من مصلحتي كسر السلم الذي كان سبباً في صعودي». فالنظام الانتخابي الحالي هو السبب في وجود المجلس الحالي، بنوابه الخمسين، وأي تغييرات ستطوله، تعني كسر السلم الذي كان سبباً في صعود هؤلاء النواب إلى الكرسي الأخضر، ومن ثم عدم ضمان عودتهم من جديد.
المقترح الثاني، الذي سقط عملياً بعد استقالة مقدمه النائب السابق رياض العدساني، هدف إلى تعديل آلية التصويت، لتظل الدوائر على ما هي عليه حالياً (خمس دوائر)، على أن يكون لكل ناخب حق التصويت لأربعة مرشحين، صوتين لمرشحين من داخل دائرته المقيد بها، فيما يتوزع الصوتان الباقيان على دائرتين أخريين.
وقد واجه المقترح مصيره الطبيعي المؤيد لتوجهات المجلس، فقد أهمل بشكل كبير، ولم يتطرَّق إليه أحد، تعليقاً أو تأييداً، لذلك لم يدرج على أولويات اللجنة التشريعية، التي كان عليها أن تحيله إلى لجنة الداخلية والدفاع، وقد يفسر ذلك التجاهل الخط السياسي لمقدمه، والذي كان مخالفا للخطوط العريضة للمجلس الحالي.
مقترح «إعلان»
المحاولة الثالثة لتعديل النظام الانتخابي كانت إعلاناً عن مقترح لم يتم تقديمه حتى الآن، وذلك بعد أن كشف النائب أحمد القضيبي، في تصريح له في سبتمبر من العام الماضي، عن إعداده مع مجموعة من النواب تعديلا جديدا على قانون نظام الانتخابات، بحيث يتم تعديل آلية التصويت من الصوت الواحد إلى القوائم النسبية، مع بقاء الدوائر على عددها الحالي (خمس دوائر).
وعلى الرغم من الترحيب الكبير، الذي صاحب الإعلان، كون المقترح سيؤدي إلى تغيير الواقع السياسي، في حال إقراره، باعتباره سيبقي على آلية التصويت (صوت واحد)، ويغيّر شكل الترشح من الفردي إلى القائمة النسبية، ليحق للناخب التصويت على قائمة واحدة من قوائم، لكن توقف الأمر عند الإعلان فقط، ولم تسجل الأمانة العامة أي اقتراحات تتعلق بالقانون للنائب صاحب الفكرة.
.. ومقترح آخر
ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، فقد أعلن أحد النواب منذ أيام قليلة عن تقدمه باقتراح يبقي الدوائر على ما هي عليه حاليا (خمس دوائر) بعشرة أعضاء لمجلس الأمة، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لاثنين من المرشحين، أحدهما من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، والثاني من المرشحين خارج هذه الدائرة، ويكون باطلاً التصويت على خلاف ذلك.
وبالنظر إلى خلفيات المقترح، يتضح أن التعديل على القانون يخدم مصالح مقدمه فقط، كونه دأب على الانتقال من الدائرة الثالثة إلى الخامسة، والعكس، فالمقترح هدفه حصد أصوات الدائرتين، لضمان النجاح من جديد، والبقاء في قاعة عبدالله السالم.
وبالنظر إلى وضع المجلس، فالتعديل لن يتعدَّى أكثر من المرحلة التي عليه حالياً، فإلى جانب المصلحة الخاصة لمقدّم المقترح تضاف عدم توجه المجلس لإجراء تعديلات على القانون رقم 42 لسنة 2006 بشأن إعادة تحديد الدوائر الانتخابية.