
محمد الغربللي:
رفع الستار عن المسرح، ودخل المهرّج الكبير، وسط تصفيق حار، وقيام مَن على مقاعدهم تحية له.. حان موعد الطلة الموعودة بدخول نتنياهو إلى منصة الكونغرس، ووقوف الأعضاء لتحيته بتصفيق حار، ترحيباً به، على الرغم من دهسه رأس الإدارة التنفيذية للقيادة الأميركية بكلتا قدميه القذرتين.. تصفيق متواصل، وبدأ في موشح طويل من الأكاذيب والافتراءات، ولا بأس من ذرف الدموع، أحياناً، لاستدرار العواطف.. ولم يبقَ لأعضاء مجلس الكونغرس، إلا إخراج مناديلهم، إن كانت ورقية أو قطنية لمشاركته في مسح دموعهم!
كان يحرك يديه، ولا يرى الدماء التي أُسيلت في غزة، ولم تجف بعد، وأخذ يتكلم عن الإرهاب، من دون خجل، ولم يرف له جفن لمسلسل إرهاب الصهاينة منذ ما قبل 48 حتى يومنا هذا من دون توقف.. لا يهمه، كما لا يهم أعضاء الكونغرس، الألف المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وبينهم أطفال دون سن الثامنة عشرة، ونساء قضين في سجون الاحتلال سنوات طويلة.. لا يهم أعضاء الكونغرس التوحش الاستيطاني في الضفة الغربية، المتمدد من يوم لآخر، مخالفة لقانون الدول بشأن الأراضي المحتلة، فكل تصفيق منهم هو إجازة لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية.
الخطر الكبير
كان يتكلم عن الخطر الإيراني، محاولا أن يوحي بأن هذه التهديدات المزعومة تشكّل الخطر الكبير على إسرائيل وعلى جيران إيران.. يتحدث وكأنه موفد من الجامعة العربية وأحد أعضائها، المكلف منها بإلقاء هذه الافتراءات والأكاذيب والتأليب بلسانه مباشرة ونيابة عن أطراف عربية.. ثم يذهب بعيداً، لوضع شروط وقحة ضمن مفاوضات «5+1» مع إيران، ولم تتوقف موجة التصفيق الحاد من أعضاء الكونغرس، حتى عندما اقترح مشروع قانون يقضي بعرض مشروع الاتفاق الذي قد يُبرم مع إيران على الكونغرس لإقراره.. وهكذا، انتهى موشح الكذب والافتراءات، في الوقت الذي تُحاصر فيه غزة أشد حصار، وفيها ما يقارب المليون وثمانية آلاف مواطن فلسطيني.. ويستمر التنكيل اليومي بسكان الضفة، وتستمر الاعتقالات وكافة الأعمال الوحشية، منها إطلاق الكلاب على بعض السكان، وسط ضحكات جنود الاحتلال.
هو كاذب كبير، وهم ضالعون معه في الكذب، تسليحاً وتأييداً سياسياً.. وأنظمة عربية خانعة وخاضعة لإملاءاته، التي تصل بها إلى حد التأييد، في حين تستقوي على شعوبها بالبطش والتنكيل.. وهذه هي حالنا منذ عقود.