كتب محرر الشؤون الدولية:
لا تتورَّع إسرائيل عن استخدام العديد من أساليب الدعاية، لدعوة المزيد من يهود العالم لهجرة بلدانهم الأصلية إلى ما تدعي أنها «أرض الميعاد»، مثلما استخدمت الهجمات التي ضربت فرنسا، ولم تكتفِ بذلك، بل هي تدعو، كما على الدوام، لتعزيز وتوسيع الاستيطان على حساب الفلسطينيين.
على الصعيد السياسي، سعت إسرائيل إلى توظيف الهجمات التي حدثت في فرنسا أخيرا، لتدعيم مزاعمها ضد الفلسطينيين، ووصم نضالهم ضد الاحتلال بالإرهاب، وتجلى ذلك في تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي دعا خلالها إلى دعم إسرائيل في حربها ضد الإرهاب، ووضع في خانة واحدة فصائل المقاومة الفلسطينية وحركات إرهابية متطرفة.
ودعائياً، شارك نتنياهو في مسيرة باريس، على الرغم من معارضة القيادة الفرنسية، وبذل جهوداً لتصوير إسرائيل كضحية للإرهاب.
ولهذا ما استطاع نتنياهو، وهو يتحضر لانتخابات عامة في مارس المقبل، إلا أن يدعو يهود فرنسا وباقي يهود العالم إلى الهجرة لـ «أرض إسرائيل»، باعتبارها وطنهم القومي، والضمان الوحيد لهم، وإن كان يحق لهم العيش أينما شاؤوا بأمان ومساواة، مثلما قال في كلمته في الكنيس اليهودي الأكبر في باريس، ثم عاد وكرر ذلك من على كل منبر متوافر له.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن دعوات نتنياهو وباقي المنظمات الصهيونية والحركات الإسرائيلية المختلفة، التي تجنّدت هي الأخرى لتوظيف وتحقيق أكبر حد ممكن من المكاسب على حساب دماء ضحايا المتجر اليهودي، لم تجد لها صدى حقيقياً عند يهود فرنسا.
ترويج إسرائيلي للهجرة
في الداخل الإسرائيلي، تجلَّت بكائيات البعض على دماء قتلى المتجر الباريسي كل الحدود، بدءاً من محاولات إسرائيل الترويج إلى وجود حركة هجرة نشطة من فرنسا، بسبب ما أسمته «معاداة السامية»، إلا أن المعطيات الرسمية في إسرائيل، سجلت أن مضاعفة أعداد المهاجرين من فرنسا، لم تعنِ في سياق الأعداد الصحيحة أكثر من وصول 7 آلاف مهاجر فرنسي من أصل نحو 600 ألف يهودي يعيشون في فرنسا. لكن هذه المعطيات، مع إثارة مشاعر الترهيب من معاداة السامية، لم تؤدِ سوى إلى الإعلان عن توقعات لوزارة الهجرة والاستيعاب بزيادة أعداد المهاجرين من فرنسا إلى إسرائيل إلى عشرة آلاف شخص، ثم اتضح أن وزير البناء والإسكان، أوري أريئيل، دعا إلى استغلال الظروف وإعداد خطط، لتسكين المهاجرين الفرنسيين من أصول يهودية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وتأتي هذه المعطيات الرسمية، من دون علاقة بالاعتداءات على صحيفة «شارلي إيبدو».
ووفقاً لادعاء وزارة استيعاب الهجرة ودائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فإن أحد الأسباب الرئيسة لهجرة اليهود الفرنسيين إلى إسرائيل، هو العداء للسامية في المجتمع الفرنسي.
ولهذا الغرض، كشفت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، مساء الجمعة الماضي، أن أريئيل، بعث برسالة إلى مجلس المستوطنات، في الأيام الأخيرة، قال فيها إن إسرائيل تستعد لاستقبال عدد كبير من المهاجرين اليهود الفرنسيين، وإنه ينبغي الاستعداد «لإسكان جماعي» لهم، والعمل على توسيع المستوطنات.
وزعم أريئيل في رسالته أنه «لا شك في أن يهود فرنسا يشعرون بالتعاطف مع المشروع الاستيطاني» وأن «وزارة الإسكان ستعمل على توسيع المستوطنات، من أجل استيعاب المهاجرين اليهود الفرنسيين»، وأن على مجلس المستوطنات الاستعداد لذلك.