فشل مشروع القرار الفلسطيني لم يكن مفاجأة لأصحاب البصيرة

صائب عريقات
صائب عريقات

محمد الغربللي:
كما كان متوقعاً، لم يحظَ مشروع القرار الفلسطيني – العربي، كما أطلق عليه بالتسمية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرض الضفة الغربية والاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها «القدس الشرقية»، بتأييد الولايات المتحدة.. وبالمناسبة، أضيفت مفردة «الشرقية» لأول مرة، بعدما كانت «وعاصمتها القدس»، بغرض تحديد الحيز الجغرافي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
إذن، كان ذلك الأمر متوقعاً مائة في المائة، من دون خرير ماء أو مفاجأة.. وكان يفترض بالسلطة الفلسطينية في رام الله، أن تدرك ذلك تماماً، ليس باستقراء إشارات قد تكون غامضة، بل بما صرَّحت به الولايات المتحدة، من رفضها البات والتام لهذا المشروع.

لقد كانت هناك عقبتان تعترضان القرار، الأولى شرط حصوله على تسعة أصوات من أعضاء مجلس الأمن، حتى يعرض على المجلس للمداولة والتباحث به، والعقبة الثانية إمكانية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو)، اعتراضاً على صدور القرار، في حال حصوله على التسعة أصوات من أعضاء المجلس.

وفي الواقع، لم تتكبَّد الولايات المتحدة عناء استخدام «الفيتو» على القرار، كونه لم يحصل إلا على سبعة أصوات، إذا ما استثنينا الصوت الأردني، فهو تصويت أصحاب الشأن، على اعتبار أن مشروع القرار مقدم فلسطينيا وعربيا، وامتنعت خمس دول من أعضاء المجلس، هي: كوريا الجنوبية وبريطانيا، صاحبة وعد بلفور وتبعاته المستمرة حتى يومنا هذا، وليتوانيا ونيجيريا ورواندا.. ورفض الولايات المتحدة بالطبع، وليس بالامتناع، كحال الدول الأخرى، وهذا توكيد بالختم والتصديق على الموقف الأميركي الواضح والصريح الذي تتخذه السلطة الفلسطينية وسيطاً وحيداً للوصول إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية، كما بدا واضحا جداً انعدام أي تحرك عربي تجاه دول ترتبط معها الدول العربية بعلاقات، سواء كانت تاريخية أم اقتصادية، مثل كوريا الجنوبية أو نيجيريا.. فدولة واحدة منهما كانت ستمهد الطريق على عدد التسعة أصوات اللازمة لطرح الأمر على المناقشة في جلسة لمجلس الأمن.

عجز كامل

غياب كامل لأي أداء عربي، على الرغم من قيام أغلب الدول العربية بالتنفيذ الحرفي للأجندات الأميركية المطلوبة منها بما في ذلك الدخول في تحالفات عسكرية مع الولايات المتحدة في حربها المسماة بالحرب على الإرهاب، واستخدام سلاح النفط بما يخدم المصالح الأميركية في حربها الاقتصادية مع روسيا الاتحادية.. الأوامر تلقى عليها والتنفيذ يتم على أكمل وجه.. ومع ذلك عجزت دولنا الممتدة من الخليج حتى المحيط الأطلسي عن كسب دولة واحدة من الدول الخمس التي امتنعت عن التصويت، ونجحت الولايات المتحدة في عدم وصول القرار ليس لإقراره فحسب – إذ هناك حق الفيتو بالمرصاد، ولكن حتى في وصوله الى حيز النقاش العلني في مجلس الأمن.. موقف أميركي واضح بالانحياز لا يقبل الغموض أو التبرير، وتخاذل شبه تام من الدول العربية، للضغط والحصول على الأصوات التسعة اللازمة.

اجتماع طارئ

في يوم الأربعاء، أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أوهكذا يسمى، مع أن المفاوضات متوقفة، ولم تفضِ إلى أي شيء يذكر، أعلن أن السلطة الفلسطينية ستعقد اجتماعا طارئا، لبحث الأمر على ضوء توقف القرار، مع أن المعروف سلفا إمكانية توقفه، إن لم يكن على مستوى حصوله على الأصوات التسعة اللازمة، فبأقصى حال استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو على إصدار قرار مماثل.. لا نعرف ما الطارئ، في ظل مسيرة السلطة الفلسطينية التي لم تقد الشعب الفلسطيني والأراضي في الضفة الغربية إلا نحو الهوان والإذلال وضم الأراضي بصورة متسارعة وتهويد القدس والقيام بحملات اعتقالات واسعة، في إطار التنسيق الأمني الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.. لم تقد السلطة في رام الله القضية الفلسطينية إلا لمزيد من التقهقر، إن كان على مستوى الداخل الفلسطيني أو الوضع العربي العام.

نتمنى ألا يكون القرار الأممي مفاجأة للسلطة، أو أن تكون حساباتها خلاف ذلك، فهذا الأمر من شأنه أن يدخلها في خانة انعدام الرؤية والبصيرة.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.