لا تقوم تجارة الأسلحة الإسرائيلية على أسس تجارية بحتة فحسب، بل على أسس من تشجيع النزاعات والصراعات المسلحة، التي لا تخدم إسرائيل فحسب، بل وتخدم حلفاءها المركزيين عبر العالم، مثل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية، ولم تعدم كثير من التقارير، في هذا المجال، شهادات تحدثت عن دور تجار الأسلحة الإسرائيليين في تسليح المواجهات المسلحة، وتغذية النزاعات الإثنية والحروب الأهلية في العالم.
وأشارت تقارير لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، أيضاً، إلى مكانة إسرائيل في أسواق بيع الأسلحة، وعربدة تجار الأسلحة الإسرائيليين في كل أرجاء العالم، حيث لا تكاد توجد مواجهات عسكرية أو صراعات عرقية أو حروب أهلية من دون أن يكون إلى جانب أحد الطرفين (أحيانا كلا الطرفين) تجار أسلحة ومستشارون أمنيون ومرشدون وحراس من إسرائيل.
بلا رقابة
وقبل أيام، كشف تقرير إسرائيلي أن سماسرة السلاح الإسرائيليين ينشطون في الخارج، من دون أي رقابة، وأن أجهزة الأمن الإسرائيلية ليس لديها أي معلومات عن تجار الأسلحة الإسرائيليين ونشاطهم خارج البلاد، كما أن وزارة الأمن لم تعمل على تطبيق بند في قانون التصدير الأمني، الذي يلزم بالرقابة على التجار في صفقات الأسلحة، رغم الإعلان عن بداية تطبيقه في النصف الثاني من العام الحالي.
وأشار التقرير في هذا السياق إلى الاتهامات التي وجهها رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت إلى رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق، إيهود باراك، والتي أشارت إلى تلقيه رشاوى بعشرات الملايين في صفقات الأسلحة، ولاتزال الشرطة تحقق في القضية، بأمر من المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشطاين.
.. ولا سجلات
ونقل التقرير تقديرات ناشطين في هذا المجال، أن نشاط التجار مزدهر في صفقات الأسلحة مع دول أميركا اللاتينية وأفريقيا وبعض دول آسيا، بيد أنه لا تتوافر معطيات عن حجم الظاهرة، لأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا تدير سجلات خاصة لتجار الأسلحة.
وجاء أن معرفة تجار الأسلحة بالثقافات المحلية، إضافة إلى العلاقات مع عسكريين وسياسيين كبار، سواء كانوا في مناصبهم أم متقاعدين، تجعل تجار الأسلحة شخصيات مركزية للتوقيع على الصفقات الأمنية.
وتبيَّن في السنوات الأخيرة، أن سوقا جديداً بدأ يتطوَّر لبيع الأسلحة المستخدمة من فوائض إنتاج الجيوش الحديثة، والتي تباع لدول تحاول بناء ترسانة أسلحة في مجالات مختلفة.
سنّ قانون الرقابة
يُشار إلى أنه بموجب قانون الرقابة على التصدير الأمني، الذي جرى سنه عام 2007، فإنه لا يستطيع أي مواطن إسرائيلي أو هيئة إسرائيلية القيام بـ «الوساطة» (السمسرة) من دون ترخيص، سواء كانت داخل أم خارج البلاد. ويحدد القانون «الوساطة» في صفقات الأسلحة، بحيث إن «السمسار/ الوسيط هو كل مَن يشارك في المفاوضات بين الدول، ويمثل أحد الطرفين في الصفقة، أو يساعد بطريقة ما لإنجاز الصفقة الأمنية. وكل مَن يشارك في صفقة، كهذه، والتي تشمل نقل عتاد حربي أو معرفة أمنية من دولة لأخرى ملزم بترخيص، ويكون تحت رقابة السلطات الإسرائيلية». كما تحدد في القانون، أن البند الذي يتطرق إلى «سماسرة/ وسطاء السلاح» يكون ساريا بعد 30 يوما من نشره من قِبل وزير الأمن، في نهاية مشاورات مع وزير الخارجية، وبمصادقة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست. بيد أنه ورغم سنَّه عام 2007، لم تعلن وزارة الأمن الإسرائيلية عن تطبيق هذا البند.. وبالنتيجة، فإن «سماسرة السلاح» يعملون من دون رقابة.
إلى ذلك، يشير التقرير إلى أن عناصر الأمن الإسرائيليين سابقا يتلقون مبالغ مالية مقابل التوسط بين جهات مختلفة، كما أن هناك عدداً كبيراً من الإسرائيليين الذين يتجولون في العالم مشاركون في صفقات السلاح، كما يسمح الوضع الحالي لتجار الأسلحة سابقا بمواصلة العمل، حتى بعد سن قانون الرقابة على التصدير الأمني.
وكان مراقب الدولة، الذي فحص الرقابة على التصدير الأمني، في تقريره لعام 2013، قد انتقد عدم قيام وزارة الأمن بفرض رقابة على صفقات الأسلحة، بيد أن شيئا لم ينفذ.
ولفت تقرير نشرته صحيفة «هآرتس»، أخيراً، إلى أن الحديث عن صفقات الأسلحة يطفو على السطح في كل مرة تفشل صفقة أو يتم اعتقال إسرائيليين. فقد سبق أن اعتقل إسرائيلي في سبتمبر الماضي، بشبهة الاتجار بالأسلحة في جنوب أفريقيا، وفي عام 2010 حكمت محكمة في كازاخستان بالسجن 11 عاما على تاجر أسلحة إسرائيلي، يدعى بوريس شينكمان، بعد اتهامه بتقديم رشوة لإنجاز صفقة أسلحة للصناعات الأمنية الإسرائيلية في كازاخستان، كما أن الإسرائيليين المشتبه بهما بمحاولة بيع إيران قطع غيار لطائرات فانتوم، كانا مشتبها بهما في السابق بالمشاركة في صفقات أسلحة. هذا فيما تدعي وزارة الأمن، أن الوزارة تعمل على تطبيق إجراءات الرقابة، وأنه في هذا الإطار تمَّت بلورة أنظمة ملائمة بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وأن هذه الأنظمة سلمها وزير الأمن إلى لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست للمصادقة عليها.