
القدر وضعنا في أكثر بقعة ملتهبة في العالم، بنيرانها المستعرة، منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي إلى يومنا هذا، وما زاد القرب من هذا اللهيب صغر المساحة المصحوب بمصدرنا الأوحد، النفط، الذي لايزال عصب الطاقة للصناعة.
وفي ظل الهبوط الحاد لأسعار النفط بالعالم، الذي تنوَّعت أسبابه إلى ارتفاع سعر الدولار أو من العقوبات المفروضة على كل من إيران وروسيا أو زيادة المعروض في الأسواق العالمية، مقارنة بالطلب، تتجه جميع العيون في البلد إلى الحكومة، لمعرفة التدابير الواجب اتخاذها لمواجهة أزمة تنبئ خسارتها بالمليارات سنوياً، إذا ما استمر هذا النزول المطرد بالأسعار، هذا إذا أخذ بعين الاعتبار تصريح الخبراء الذين كان من بينهم رئيس مؤسسة البترول بأن السعر سوف يستمر إلى فترة لن تقل عن 6 أشهر، ليتوقع حلا حكوميا حاليا، وآخر استراتيجيا مستقبليا، ليطمئن الشارع من أزمة تطول مصدر رزقه الوحيد، ليخرج مجلس الوزراء بالموضوع القديم – الجديد الخاص برفع الدعم، والتصريح المبطن حول عدم فرض ضريبة، والتعهد بعدم المساس بذوي الدخل المحدود، وفي الوقت نفسه التعهد بترشيد الإنفاق من دون الإفصاح عن أوجه هذا الترشيد والخدمات التي سوف تطوله، حتى ينقذ العجز المحتمل بالميزانية.
بدلاً من أشباه حلول حكومية أولية، وجميعها تشير إلى النظر إلى جيب المواطن، كنّا نظن أن أزمة النفط تكون بداية لعلاج الفساد الإداري وسوء الإدارة المالية في أكثر من دائرة وجهة حكومية، مثل مليارات الدنانير التي تصرف سنوياً على التعليم والرعاية الصحية، والمحصلة لا تخفى على أحد، أو يكون تقليل الصرف الحكومي بإشراك القطاع الخاص، الذي أصبح وجوده ضرورة، وذلك يتم كبداية سريعة وفعالة بتطوير قانون المناقصات، لإدخال شركات عالمية كبرى من دون وكيل، ولتكن البداية بإنتاج الطاقة التي تلتهم أكثر من 5 مليارات سنوياً من الميزانية العامة، للابتعاد عن شبهات التنفيع والإنجاز.
على الهامش:
الحفاظ على الميزانية يأتي بالمقام الأول على منفذ هذه الميزانية.