
بعد مرور عام ونصف العام تقريباً على سحب مشروع «قانون الإعلام الموحد»، عاد وزير الإعلام من جديد، لطرح القانون باسم «قانون الإعلام الإلكتروني»، بعد برود الساحة السياسية، اعتقاداً منه أنه الوقت المناسب للسيطرة على الحريات وإنهائها بأسرع وقت، علماً بأن هذا المشروع وشبيهه بالمعنى الذي سبقه كلاهما يدمر الدستور تدميراً، من حيث عدم تطابقهما معه. ومما لا شك فيه، أن المشروع الأخير هو مشروع مُجرّم دستورياً، لاحتوائه على مواد غير دستورية وغير منطقية في الوقت نفسه.. فعلاوة على المخالفات الدستورية، نجد أن تطبيقه مضحك وغير منطقي، فكيف لـ»الإعلام» أن تحكم مواقع عالمية واستضافات دولية؟
الأمر في غاية الإضحاك.. هل ستحجب الوزارة كل هذه المواقع إن لم تتفاعل معها؟ وكيف إن تم نقل كل هذه الصحف «معنوياً» خارج الكويت؟
ألا يؤثر ذلك في الكويت دولياً، خصوصاً أن الوزارة منحت مدة عام بعد إقرار القانون بالمشروع، لإتاحة الوقت أمام الصحف للدخول في فخ هذا المشروع، لعلمها بأن الصحف والمواقع الإلكترونية والخدمات الإخبارية و»تويتر» و»انستغرام» لن تنصاع لذلك؟!
من ناحية أخرى، كيف يتم ذلك في دولة دستورية لديها حرية، في حين أن دول قمعية أخرى، ومنها مجاورة، لم تطبق مثل هذه الإجراءات المضحك تطبيقها بصراحة؟
وإن طبّق مثلاً، وهو أمر مستحيل.. ألن يلجأ الشباب لرعاة رسميين لدعمهم، وقد يكون أولئك في ظل الصراع، وينفذ بعد ذلك الشباب أجندة غيرهم، لديمومة أمورهم؟ حينها ماذا سيقول الوزير إذا كان هو أول ضحايا هذا القانون؟ أعتقد بأنه كما أن هناك «قصائد قتلت أصحابها»، فأيضاً هناك «مشاريع قتلت أصحابها».
**
أبسط الأمور بعد تخاذل المجلس والحكومة في مثل هذا المشروع، وبعد بيان الصحف الإلكترونية الأخير، ستلجأ هذه الصحف بمعية المغردين للبث من الخارج.
أشعر بحسرة كشاب كويتي وأنا أكتب ذلك ودمعي ملأ عيني على كويت الشباب التي يريد قتلها البعض بعنجهيتهم.
نهايةً.. هذا المشروع غير قانوني وغير شرعي ولن يطبّق ولن نقبل بتطبيقه، وعلى العقلاء ـ إن كانوا كذلك ـ إنهاء هذا الملف بحسن نية قبل أن تنقلب الطاولة.. فالشباب يستطيعون، وإن لم يكفّوا، فالاعتصامات السلمية ستستمر، للمطالبة برحيل الوزير، كخطوة ثانية، ولاسيما أنه وزير للشباب قبل أن يكون وزيراً للإعلام.. فكيف سيقف أمامهم؟