عدم تنفيذ الأحكام القضائية «حنفية» للهدر المالي

ديوان المحاسبة
ديوان المحاسبة

كتب محرر الشؤون المحلية:
يشرف الجهاز الرقابي لديوان المحاسبة على المصروفات المالية التي يتم إنفاقها في الوزارات ومؤسسات الدولة، ضمن عملية مستمرة ويومية، لبيان أي تجاوزات مالية قد ترتكبها هذه الوزارة أو تلك، مع إبداء الملاحظات بداية إلى الجهة التي يتم التدقيق فيها، وذكر رد تلك الجهة، إن كان هناك رد أو إيضاح لإنفاق ما محل المساءلة، ليخرج في النهاية ديوان المحاسبة بتقريره السنوي الذي يقدمه لمجلس الأمة، متضمنا الجهات التي تم التدقيق في ماليتها.. عمل الديوان وسيلة إذن نحو تحقيق الهدف، بغرض وقف أي هدر مالي أو تجاوز للإجراءات المتبعة في الصرف، ولا يوفر الديوان أي مصروف من المصروفات التي تتضمنها ملاحظاته المحاسبية، حتى لو كانت لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من مصاريف الوزارة، أو حتى لا تذكر إطلاقا، فمبلغ 23 ألف دينار مبلغ لا يذكر ضمن سياق مصاريف وزارة التربية، ولكن الديوان وضع عليه ملاحظة، باعتباره خُصص لشراء «بوكيهات» ورد للوكيل والوكلاء المساعدين في الوزارة، وهو (أي المبلغ) من وجهة نظر الديوان مصروف ليس له حاجة أو أساس ضمن الأعمال المناطة بالتربية كوزارة.

غاية القول، إن الديوان يسجل ملاحظاته، سواء كان المبلغ صغيرا أم كبيرا.

هدر غير مباشر

الديوان يراقب المصروفات المالية المباشرة، ولكن لا توجد أي جهة تراقب الهدر المالي غير المباشر الذي ترتكبه الوزارات، فقد جاء صادما ما نشرته الجريدة الإلكترونية «الحياد» الأسبوع الماضي، نقلاً عن مصدر أمني – كما أشارت في خبرها- «بأن مجموع المطلوبين لتنفيذ أحكام مدنية من مواطنين ووافدين بلغ 73044 مطلوبا يجب إلقاء القبض عليهم، وأن عدد المواطنين المسجل بحقهم أحكام بالإيقاف بلغ 16346 وعدد الوافدين 58698!».. هكذا أتى خبر «الحياد»، وحتى يصل المواطن ليكون ضمن هذا العدد، فإن قضيته مرَّت بعدة خطوات، بداية من رفع الدعوى المدنية أمام الدائرة القضائية التي تخضع لجلسة أو جلسات قبل أن يتم الإعلان عنها ويتم النظر فيها أمام القاضي، ليصدر حكمه فيها، ثم ترفع مرة أخرى للنظر فيها لدى محكمة الاستئناف، ليصدر حكما نهائيا بها، ما لم يكن هناك تمييز.

كل هذه الخطوات أمام الجهات القضائية يقابلها مصروفات باهظة تفوق بكثير ما ترصده تقارير ديوان المحاسبة،كونها مصروفات اعتيادية لا تجاوز فيها أو خروج بالإجراءات، ومع صدور الأحكام النهائية تكون السلطة القضائية، ممثلة بدوائرها، قد أنهت مهمتها، والمهمة تلك ليست مجانية، بل تقابلها أموال تصرف على مثل هذه القضايا.. بعد ذلك، يأتي دور وزارة الداخلية، المناط بها تنفيذ الأحكام على الأطراف المحكوم عليها، لنجد في النهاية، ووفق الخبر الذي نشرته «الحياد»، أن هذه المصاريف التي أنفقت والوقت الذي أهدر لا يقابله تنفيذ لتلك الأحكام، والنتيجة النهائية مصروفات لإصدار مثل تلك الأحكام وضياع حقوق من رفع دعاوى مدنية أمام الدوائر القضائية.

رقم مخجل

الرقم الكبير الذي نشرته «الحياد» رقم مخجل بحق الجهة المناط بها تنفيذ الأحكام، فهو يفوق في الهدر المالي ألف «بوكيه ورد»، إن لم يكن أكثر، وضياع جهد ووقت، من جراء العجز الأقرب للتقاعس بشأن تنفيذ الأحكام. لا توجد جهة لمراقبة الأداء ومحاسبة المقصّرين تجاه هذا الأمر، ولاسيما أن العدد الذي تعلنه وزارة الداخلية أو وزارة العدل في تزايد سنوي، وحبذا لو يتم توجيه سؤال برلماني لاستيضاح العمر الزمني للأرقام التي نشرت، فهذا من شأنه أن يبين حالة التقاعس في تنفيذ الأحكام، فقد يكون بعض منها قد مرّ عليه عشر سنوات من دون تنفيذ.
والحال سوف تستمر بالتردي، في ظل غياب وحدة قياس أداء مركزية موزعة في رقابتها على كافة الوزارات، وهي مكملة ومتماشية مع التدقيق المحاسبي لديوان المحاسبة في مراقبته السنوية وتقاريره.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.