
محمد الغربللي:
تحوَّلت عملية الاستلام إلى ما يشبه «الزفة»، لكن العروس ليست «بكراً» أو جديدة، بل مستعملة أُعيدت العناية بها لتغدو جديدة!
هذا ما تناقلته أدوات التواصل الاجتماعي بشأن سفر وفد كبير من شركة الخطوط الجوية الكويتية إلى مدينة تولوز الفرنسية لاستلام أول طائرة مستأجرة، لتضاف إلى أسطول «الكويتية» المتهالك، من جرَّاء قدم الطائرات واستخدامها المتواصل.. هي أولى الخطوات التي تقوم بها الشركة.. خطوات يتمنى المواطنون والمقيمون أن تعيد إليها قدرا من الخدمة المعقولة في نقل المسافرين، في ظل اشتداد التنافس بين شركات الطيران الأخرى ذات الأسطول الكبير والمحطات المنتشرة في جميع القارات.
الطموح اليوم
الطموح بأن يكون لـ«الكويتية» موقع، وليس الدخول في منافسة مع شركات إقليمية أو دولية، فالسباق بدأ منذ سنوات طويلة، كانت الشركة تئن خلالها تحت وطأة وضع مالي سيئ وتردٍ في الخدمات، قياساً ومقارنة مع الشركات الأخرى التي سبقتها في عدد الطائرات والمحطات.. وبالتالي، فقد فات باب المنافسة، وما يُراد أن يكون اليوم للناقل الوطني هو موقع في مجال الطيران فحسب, وبالتالي لابد من خطوة أولى تلحقها خطوات لإعادة هيكلتها من جديد، وفق القانون الأخير الخاص بشركة الخطوط الكويتية.
عملية الخصخصة
استلام الطائرة الأولى المؤجرة يقودنا لإعادة بحث موضوع الشركة، فهي عليها عدد من الاستحقاقات، بداية من إعادة الهيكلة، إلى خصصتها، وفق القوانين التي وضعت بهذا الشأن منذ بداية عام 2008.. فبموجب القانون رقم 2008/6، الذي كان في منتهى التفاؤل عندما وضع فترة زمنية قدرها سنتين للانتهاء من خصخصة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، لتصبح «شركة مساهمة عامة»، كما ورد نصا فيه، تم تحديد تاريخ 2009/12/31، للانتهاء من عملية الخصخصة. تفاؤل لا يستند إلا لأحلام! فقد مرَّ على هذا التاريخ خمس سنوات، ولاتزال «الكويتية» في خطواتها الأولى، أتت قوانين أخرى تعدل هذا القانون وأُلغيت المادة المحددة للزمن الذي كان من المفترض أن تتم فيه عملية التحويل.
عقبات ومشاكل
هناك عدة عقبات ومشاكل ستتعرض لها «الكويتية» في تنفيذها لهذا الاستحقاق، وتأتي هذه العقبات نتيجة للقانون أو القوانين المتعددة التي صدرت منذ عام 2008 حتى 2014، أو أخرى، لعل أهمها هذا العقد الذي أبرمته مع شركة بوينغ للطائرات، لتزويدها بعدد من الطائرات ضمن «خطتها الشرائية».. وتشير بعض المصادر والمعلومات إلى أن هذا العدد لم يأتِ لأغراض وأسباب تشغيلية وحاجات لها، بقدر ما هو إملاء سياسي خارجي اقتضته الضرورة كما يُقال.
كما يتوجب على إدارة «الكويتية» في مراحل إعادة هيكلتها تلك ترتيب عمليات التمويل المالي لإنجاز هذا العقد الذي سيضيف مكونات كبيرة لأصولها، حيث من المقرر قيام «مستثمر استراتيجي» للحصول على 35 في المائة من المساهمة في رأس المال، وذلك ضمن قطاع الطيران الذي يشهد قدرا كبيرا من المنافسة والخسائر في الوقت ذاته.
عبء كبير
ثاني تلك العقبات، هو ما نص عليه قانون «الكويتية» القديم والجديد، بالتزام الشركة في توظيف ما نسبته 50 في المائة من العاملين لديها من المواطنين، وهذا سوف يشكل على ميزانيتها عبئا كبيرا في باب الرواتب، وخاصة عندما يُربط بمادة ثانية من قانون «الكويتية» ينص على أنه في حال رغبة العاملين الذين كانوا يعملون في المؤسسة ثم التحقوا بالشركة، الحفاظ على الامتيازات المالية نفسها التي كانوا يتقاضونها في عملهم عندما كانوا في المؤسسة.. ويقول بعض المتابعين إنه في سبيل التخلص من تطبيق هذه المادة قد تلجأ إدارة الشركة للاستعانة بخدمات مقاولين في أعمال الطيران بعقود سنوية، ومن شأن ذلك خفض أعداد العاملين لديها بصورة إجمالية، وبالتالي ستكون نسبة الـ 50 في المائة من الناحية العددية قليلة قياساً بمجمل العاملين في الشركة.
السهم الذهبي
وأخيراً، هناك مادة قانونية أيضا، ممثلة بالسهم الذهبي في ملكية الشركة، ويحظى هذا السهم الذهبي بقدرة تصويتية افتراضية في مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية للشركة، وذلك حماية للمصلحة العامة، كما ورد في القانون.. والمصلحة العامة تعبير واسع غير محدد، ما قد يؤدي إلى عزوف ما يسمى بالمستثمر الاستراتيجي على الاستحواذ على 35 في المائة من رأس المال.
وأمام مثل تلك العقبات لا يُستبعد أن تمتد عملية إتمام تنفيذ قانون شركة الكويتية لسنوات، ولاسيما أن لدينا تجربة لم يمضِ عليها الكثير عندما تم وضع سقف زمني سنتين لإنجاز مشروع التحويل من مؤسسة إلى شركة ولم ينجز خلالها أي شيء، سوى التصريحات والوعود من وزراء كانوا في مناصبهم ورحلوا كما رحلت تصريحاتهم.