قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، والسفن هنا للهيئة العامة للاستثمار، التي أعلنت في وقت سابق عزمها التخلص من أسهمها في شركات تمتلك فيها نسباً كبيرة، أولها الشركة الكويتية للاستثمار، التي تمتلك فيها ما يقارب 76 في المائة، وكذلك شركة زين للاتصالات وبيت التمويل الكويتي، اللتان تملك فيهما الهيئة ما يقارب الربع من إجمالي الأسهم.. في ما بعد أعلنت الهيئة العامة للاستثمار أنها بالتفاهم مع الشركة الكويتية للاستثمار قررت بيع مساهمتها في شركة معرض الكويت الدولي التي تملك فيها 49 في المائة، و«الكويتية للاستثمار» 15 في المائة، وهذه الشركة تعد إحدى الشركات التي تمتلكها «الكويتية للاستثمار»، ولكن في الحقيقة، المهيمن عليها هي الهيئة العامة للاستثمار، بحكم ملكيتها لأغلب رأسمال «الكويتية للاستثمار».
شركة المنتجات الزراعية
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعلنت الهيئة العامة للاستثمار الأسبوع الماضي، عن طريق إعلان في الصحافة اليومية، نيتها بيع حصتها في شركة المنتجات الزراعية، التي تمتلك فيها 77.79 في المائة من رأسمالها، وقد وضع للسهم سعر أساسي للبيع، بواقع 508 فلوس، علماً بأن الهيئة كلفت إحدى الشركات الاستثمارية عام 2012، بدراسة وتقييم أصول الشركة، تمهيداً لبيعها، وقد تم إنشاء شركة المنتجات الزراعية، لتوفير الأمن الغذائي من الخضراوات والفواكه ذات الاستهلاك اليومي، بدلا من أن تخضع تلك المنتجات للمضاربات أو الغلاء المصطنع، ولكن هذه الشركة مرَّت بأوضاع إدارية ومالية سيئة، أو ما يشبه التلاعب في أموالها، ولاسيما أن حقل تجارة المواد الغذائية فيه من الفساد والإفساد الكثير.. وبذا لم تسر الشركة سيراً حسناً وتحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها، وهذا الأمر أو السمة هي الغالبة في الكثير من الشركات.
رياح باتجاهين
غير أن الرياح التي هبَّت على الهيئة العامة للاستثمار أتت من اتجاهين، الأولى الريح الصرصر العاتية من انخفاض أسعار النفط عالميا، حيث تدحرجت أسعاره بصورة دراماتيكية، لينخفض سعر النفط الكويتي الأسبوع الماضي لما دون الـ 60 دولارا، مع تزايد الإنتاج وخلق فوائض نفطية على مستوى العالم من شأنه أن يجعل الأسعار تشهد مزيداً من التراجع.. أما الريح الثانية، فقد هبَّت من سوق الكويت للأوراق المالية، بنزول مؤشرات السوق.. وكما تقول بعض الصحف إنه منذ أبريل من هذا العام هبطت قيمة الأسهم إلى 4.4 مليارات دينار.. وهذا انخفاض ليس من السهل تحمله، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الشركات أو البنوك، ولا نعتقد أن الضخ الحكومي يمكنه رفع القيمة للأسهم، وهذا يأتي في نهاية هذا العام، حيث تحسب قيمة الأسهم بإقفالاتها السنوية.
تساؤل!
وهنا نتساءل أمام هذه الرياح العاتية، هل توقف الهيئة العامة اتجاهها ببيع أصولها؟ فالقرار تم اتخاذه منذ مدة تفوق السنة، ولم تكن هناك بوادر لهبوط أسعار النفط بهذا الشكل وهذا التدحرج المتواصل.. وعملية البيع في هذه الأوقات قد يُفسر بأن الهيئة تريد بيع مساهماتها في أوقات الكساد، بغرض تمهيد الأمر للكتل الاقتصادية القوية، أو أنها بحاجة للسيولة، على الرغم مما تملكه من أموال، وغيرها من التفسيرات الأخرى، فالأولوية الآن هي لمعالجة سوق الأوراق المالية، والتريث مؤقتاً في بيع الأصول التي تملكها، حتى جلاء الموقف ووضوح الرؤية.
(م.غ)