
كتب محرر الشؤون البرلمانية:
لا يزال مجلس الأمة غير قادر على حل مشكلة أزمة الطلاب «البدون»، وتعد الحلول المؤقتة التي اتخذتها الجهات التنفيذية في الفترة الأخيرة، والتي كان على رأسها قبول أبناء العسكريين «البدون» والعسكريين المتقاعدين منهم في المدارس الحكومية اعتبارا من العام الدراسي المقبل، رد فعل على ضغوط شعبية من قبل حقوقيين ونشطاء مهتمين بالقضية.
فقد عجزت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية على إجبار وزارة التربية على التعاطي الجيد مع الملف، ومن ثم قبول الطلاب «البدون» في المدارس (من غير حاملي شهادات الميلاد وغيرهم)، واكتفى رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب عبدالحميد دشتي بتصريح يحمل الصبغة الحكومية بعد تأكيده أن عدد أطفال «البدون»، الذين لم يلتحقوا بمدارس التعليم الخاص هذا العام 60 طفلاً فقط، 16 منهم تقدّموا بمستندات، و44 لم يتقدموا بأي مستندات.
مراوحة في المكان
وعلى الرغم من أن التصريح أشار أيضا إلى أن ممثل وزارة التربية، الذي حضر اجتماع اللجنة، أكد أن التعليم الخاص سيستقبل بداية (من الأسبوع الماضي) كل الحالات التي لم تقبل في المدارس، ولديهم بلاغات ولادة مصدّقة، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن القضية لا تزال تراوح مكانها ويتقاذفها الجهاز المركزي ووزارة التربية مع دخول وزارة الداخلية على الخط بينهما بسبب القيود الأمنية.
وقد حصلت «الطليعة» على إحصاءات من جهات حقوقية، تشير إلى أن الأمر لا يزال على وضعه السابق، وذلك بعد أن تقدّم ولي أمر ٦٠ طفلاً لا يمتلكون شهادة ميلاد إلى وزارة التربية والتعليم للتسجيل، ولم يتم الرد عليهم حتى الآن، منهم ١٥ حالة قامت بتعديل أوضاعهم.
إحصاءات ومشكلة بلاغ الولادة
وتشير الإحصاءات أيضا إلى وجود ٤٥ حالة خارج الدراسة، وقد سمحت الوزارة لهم بالتسجيل على أمل أن يتم اتخاذ قرار بشأنهم لاحقا يتعلق بانضمامهم إلى المدارس.
يأتي هذا في ظل وجود ٥١٠٠ حالة مسجلة في المدارس المختلفة ومنتظمين في الدراسة ببلاغ الولادة فقط في جميع المراحل الدراسية، الأمر الذي جعل بعض المراقبين يعربون عن قلقهم بسبب مصير هؤلاء عقب حصولهم على الثانوية العامة، على اعتبار أن مجلس الجامعات لن يعترف ببلاغ الولادة كمسوغ للالتحاق بالجامعة بناء على تعليمات الجهاز المركزي لمعالجة المقيمين بصورة غير قانونية.
وتعود أصل مشكلة بلاغ الولادة وعدم وجود شهادة ميلاد الى وجود شرائح عدة صنعتها ظروف القضية، أولها فئة من لا يمتلك ملفاً وغير مسجل بالجهاز المركزي لمعالجة المقيمين بصورة غير قانونية، وذلك بعد أن تقدمت تلك الحالات للتسجيل في الجهاز ورفض تسجيلها، على الرغم من عدم إعلان الجهاز عن آلية محددة وواضحة لكيفية التسجيل فيه.
وتأتي بعد ذلك فئة أصحاب الجوازات المزورة، ويقدر عددهم بنحو ١٠ آلاف شخص، إلى جانب أصحاب القيد الأمني، وهؤلاء عندما يتقدّمون للجنة دعاوى النسب يطلب منهم كتاب من الجهاز لتحديد جنسية المولود، حيث يرفض الجهاز إعطاء ذلك الكتاب لأسباب تتعلق به.
بُعد دولي
القضية أخذت بُعداً دولياً، ونجح النشطاء الحقوقيون في الكويت في الضغط على المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة لتعلن بعدها عن حملة للقضاء على ظاهرة الحرمان من الجنسية تشمل حوالي 10 ملايين شخص في مختلف دول العالم، بهدف استئصال هذه الآفة، التي صنعها الإنسان في غضون عشر سنوات، بعد تأكيد المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس أن «كل عشر دقائق يولد طفل بدون جنسية في مكان ما في العالم»، واصفاً هذا الوضع بـ»خلل خطير غير مقبول في القرن الحادي والعشرين».
وأشارت مصادر لـ»الطليعة»، حضرت الاجتماعات التحضيرية للاجتماعات مع المنظمة، أن المفوضية وضعت الكويت على رأس أولوياتها من بين خمس دول أخرى، وستجهز المفوضية بالتعاون مع الجهات المعنية لمشروع كبير في الكويت، وسيكون لأبناء المرأة الكويتية النصيب الأكبر من هذا المشروع.
تقنين الإجراءات
ووفقاً لتصريح المفوض السامي، فإن المفوضية ستعمل على تقنين الإجراءات من أجل ألا يولد أي طفل بدون جنسية، وأن يؤمن تسجيل الولادات، كما ستطالب الدول بإعطاء شهادات ولادة إى من هم بدون جنسية، الذين يحق لهم الحصول على مثل هذه الوثائق.
وفي ظل التجاذب الحادث حالياً يخشى مراقبون من ضياع فرصة إدماج «البدون» في المجتمع الكويتي بمنعهم من الدراسة في المدارس المختلفة، وعلى الرغم من تأكيد الإحصاءات أن جميع الطلاب «البدون» يمكن استيعابهم في المدارس الحكومية، فإن هؤلاء يسعون إلى دمج «البدون» مع أقرانهم، ومن ثم غرس مبادئ المواطنة والتفاعل الاجتماعي الجيد.