
كتب محرر الشؤون البرلمانية:
تاهت استحقاقات المرحلة الماضية، التي رسمها الحراك الشبابي، بين تطلعات السياسيين وتجاذبات المرحلة، وتناسى المشرِّعون، في ثلاثة مجالس أعقبت مجلس 2009، ومن قبلها الحكومة، المطالب التي خرج من أجلها الآلاف في الشوارع، مطالبين بإصلاحات تشريعية، وباتت تلك الاستحقاقات رهن التكتيكات والمواءمات السياسية، التي تفرضها ظروف اللعبة السياسية في أروقة المجلس ولجانه، ومن المحتمل أن يتأخر إقرار أغلب تلك الاستحقاقات نظراً لأجندة السلطتين وأولوياتها، لاسيما الفجائية منها.
استقلال القضاء
ويعد مطلب استقلال القضاء من أهم أولويات الشارع الكويتي خلال فترة الحراك الشبابي وبعده، وعلى الرغم من أن الفرصة كانت سانحة أمام المجلس الحالي لإقرار قانون استقلال القضاء في دور الانعقاد السابق كما كان مقررا له، فإنه ومن دون معرفة الأسباب الحقيقية أرجأت اللجنة التشريعية رفع تقريرها إلى المجلس لمناقشته والتصويت عليه وتمريره كقانون واجب النفاذ، ليحكم بذلك التأخير على «مقترح استقلال القضاء» بأن يكون «مجمداً» حتى تاريخه، ويضاف ما استنزف من وقت في المجلس الحالي إلى مدة المجلسين المبطلين الأول والثاني، اللذين فشل نوابهما في إقراره كقانون، على الرغم من الهالة الإعلامية التي صاحبت الإعلان عنه في وقتها.
وعلى الرغم من تصريح رئيس اللجنة التشريعية مبارك الحريص وتأكيده أن المقترح من أولى أولويات اللجنة، وأن «أسباب عدم استعجال انتهائه حرص أعضائها على أن يخرج القانون بصورة متكاملة وصحيحة»، مرجعاً تأخير رفع التقرير إلى ضخامة المقترح، فإن كل المؤشرات تؤكد أن المقترح سيعاني صعوبات عدة في رؤيته النور، لاسيما بعد أن أعلنت الحكومة عن وجود مشروع حكومي لديها، الأمر الذي قد يتسبب في إعادة دراسة المقترحات المقدمة والتعديلات المتوقعة، إلى جانب المشروع الحكومي الذي ستضغط الحكومة بكل قوتها لكي تدفع بإقرار مشروعها.
مخاصمة القضاء
وعلمت «الطليعة» أن المشروع الحكومي المنتظر تقديمه للمجلس سيحتوي على باب لمخاصمة القضاء، أحد أهم استحقاقات المرحلة السابقة، في خطوة حكومية قد تؤثر في اقتراح مقدم من خمسة نواب بشأن إنشاء مجلس لمخاصمة القضاء يرتبط بالديوان الأميري، ويتمتع باستقلال مالي وإداري عن الديوان، وله بهذه الصفة القيام باختصاصات عدة، أهمها تلقي البلاغات والشكاوى ضد أعضاء السلطة القضائية، والتحقيق واتخاذ القرار المناسب فيها، ومحاكمة أعضاء السلطة القضائية وإصدار العقوبات التأديبية والجزائية.
وقد يكون مقترح ومشروع استقلال القضاء أوفر حظاً من مقترح الهيئات السياسية، الذي عجز متبنيه في المجلس (نائب واحد) عن جمع أربعة تواقيع لنواب آخرين لتقديمه بصفة الاستعجال للأمانة العامة، بهدف الإسراع بدورته التشريعية داخل اللجان المختصة.
وأشارت المصادر لـ»الطليعة» إلى أنه حتى إن تم تقديم المقترح الى الأمانة العامة، فلن ينال اهتمام النواب، فضلاً عن رفض الحكومة للفكرة من الأساس، لاسيما أن هناك أطرافاً نيابية وحكومية تتحجج بأن إنشاء الأحزاب السياسية أمر مخالف لنصوص لدستور.
هيئة مكافحة الفساد
وعلى الرغم من صدور القانون رقم 24 لسنة 2012، المعني بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، فإنه لم يفعّل حتى الآن بسبب عدم صدور لائحته التنفيذية، ولذلك فإن تطبيقه على ما يقارب 40 ألف شخص، بداية من وظيفة رئيس الوزراء إلى أصغر موظف في الدولة، لايزال مجمّدا حتى صدور اللائحة التي غابت طويلاً.
ويعد إنشاء هيئة مكافحة الفساد، الذي صدر بمرسوم أميري، جاء بناء على مطالب شعبية عقب ظهور قضايا الإيداعات، التي حفظت لنقص في التشريعات، وطالب السياسيون والمراقبون وقتها بإنشاء هيئة تعنى بالكشف عن الذمة المالية ومكافحة الفساد لعدم تكرار مثل تلك القضايا مرة أخرى، ويناط بها حماية المال العام ومعالجة الإخفاقات التي شابت العمل في عدد من أجهزة الدولة، وتسببت في كثير من مظاهر الفساد.
وعلى الرغم من التصريحات الإعلامية النشطة لأطراف نيابية عدة، التي وصلت الى مرحلة التلويح بالاستجواب في حالة عدم إصدار اللائحة التنفيذية، التي كان يتبناها النائب المستقيل عبدالكريم الكندري والنائب الذي تم توزيره أخيراً يعقوب الصانع، فإن تلك المناوشات الإعلامية هدأت في الفترة السابقة وبات إصدار اللائحة التنفيذية في عهدة هيئة مكافحة الفساد، ومن قبلها الحكومة.