كتب محرر الشؤون البرلمانية:
يبدو أن مجلس الأمة الحالي في طريقه إلى إقرار عدد من القوانين، التي تمس الحريات وتتعارض مع نصوص وروح الدستور، فبعد إقرار قانون هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، الذي هو بالأصل مقترح نيابي، ودخوله حيز التنفيذ بعد اعتماده من قبل مجلس الأمة، والمصادقة عليه ونشره في الجريدة الرسمية، على الرغم من احتوائه على العديد من المثالب الدستورية والقانونية، لا يزال الباب مفتوحاً ومهيأ لإقرار عدد من القوانين الأخرى، التي تدخل في حزمة القوانين سيئة السمعة.
قوانين تمسّ الحريات
فمع اقتراب تمرير الاتفاقية الأمنية بنصوصها، التي تتعارض مع الدستور وعدد من القوانين، هناك قائمة مطوَّلة تحتوي على عدد من التشريعات، التي قد تغير من ملامح الحريات في البلاد، ويأتي في المقدمة المشروع الحكومي المتعلق بالإعلام الإلكتروني، الذي قال عنه وزير الإعلام إنه بات في مراحله النهائية، ويحذّر منه المختصون والمشروع الحكومي الآخر، المتعلق بقانون جمع السلاح، الذي تدور حوله التساؤلات، وبقية القوانين ذات الصبغة الأمنية، ومنها قانون مكافحة الإرهاب المنتظر، والاتفاقيات المشابهة المنتظر إقرراها بقانون.
قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية
سلوك النواب لم يختلف كثيراً عن سلوك الحكومة، فقد تسلّمت الأمانة العامة منذ أيام اقتراحاً بقانون يتم بمقتضاه إلغاء التعديل على أحكام القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، الذي أقر عام 2012 في المجلس المبطل الأول، والمتعلق بتقليص مدد وقواعد الحجز والحبس الاحتياطي.
ونص المقترح، الذي تقدم به خمسة نواب، على العودة بالعمل بالمواد «60 فقرة ثانية، و69، و70، و75» من القانون رقم 17 لسنة 1960، بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ودون تعديل أو إضافة لأي منها.
وأكد مقدمو المقترح، في المذكرة التفسيرية المرفقة مع المقترح، أنه في تاريخ 31 مايو 2012 صدر القانون رقم 3 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، الذي يقضي باستبدال المواد 60 فقرة ثانية، 69، 70، 75، وبإضافة ثلاث مواد جديدة بأرقام 60 مكرر، 70 مكرر، 74 مكرر.
وأضافت المذكرة: حيث إن القانون المذكور استهدف في الاستبدال والإضافة، اللذين قضى بهما تقليص مدة القبض من مدة لا تزيد على أربعة أيام إلى مدة لا تزيد على 48 ساعة، وتقليص مدة الحبس الاحتياطي من مدة لا تزيد على ثلاثة أسابيع إلى مدة لا تزيد على عشرة أيام من تاريخ القبض على المتهم.
تعارض مع مصلحة التحقيق
ولما كانت هذه المدد تتعارض مع مصلحة التحقيق، والكشف عن الجرائم وجمع الأدلة والاستدلالات، فضلاً عن أنها تعيق رجال الأمن والمحقق من بعدهم عن إتمام أعمالهم على أكمل وجه في الكشف عن الجرائم وضبط مرتكبيها لقلة المدد، التي جاءت في القانون رقم 3 لسنة 2012، كما أن تلك المدد لا تتناسب مع بعض أنواع الجرائم المرتكبة كجرائم القتل وجرائم السرقة الخطيرة وجرائم الاتجار في المخدرات والعقاقير المؤثرة، وجرائم أمن الدولة الداخلي والخارجي، مما تصبح هذه المدد مجالاً واسعاً لإفلات المجرمين من الجرائم التي ارتكبوها، فإنه من الأفضل لتجاوز المشكلات العملية سالفة الذكر أن يلغى القانون رقم 3 لسنة 2012، والعودة إلى ما كان موجوداً في السابق في القانون رقم 17 لسنة 1960 بإصدار قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.