كتبت هازار يتيم:
أكد عضو المنبر الديمقراطي وعضو مجلس الأمة السابق، د.خالد الوسمي، أن طريقة معالجة الأسرة الحاكمة لموضوع الديمقراطية بمنزلة إعلان كره حقيقي لمفهوم الديمقراطية، أي أنها عالجت الديمقراطية من خلال حلّ غير دستوري، مخاطباً النواب بالقول: «الكويتيون لا يخفى عليهم أي شيء».
وشدد الوسمي في محاضرة له «حول مسيرة الدستور الكويتي» عقدت أمس في مقر رابطة الشباب الكويتي في الخالدية، على أن أساس الديمقراطية تم تشويهه من قِبل السلطة، مع التأكيد أن الديمقراطية هي الحل الأفضل، ويجب تطويرها، حتى نصل إلى حل، مشبهاً الوضع الديمقراطي بديوانية صغيرة تنتخب ديوانية كبيرة يدخل أعضاؤها من باب ويخرجون من 50 باباً.
ولفت إلى ضرورة طرح الديمقراطية بشكل جديد وتطويرها، مشيرا إلى أنه لا يمكن فعل ذلك إلا بوجود تنظيمات سياسية والوصول إلى توافق بأن الأغلبية هي التي تحكم.
إصلاح البيت
وفي معرض حديثه عن مسيرة الدستور، أوضح الوسمي أن أول بند في عريضة 21 تدعو إلى إصلاح البيت في الأسرة الحاكمة، واستمر هذا البند حتى يومنا الحالي، وهو نبراس كل الكويتيين، لافتاً إلى أن مجلس 38 كان متميزاً جداً، وقد أعطى وجود المغفور له الشيخ عبدالله السالم كرئيس لهذا المجلس زخماً سياسياً كبيراً.
البرجوازية الوطنية
وأشار إلى أن البريطانيين أيَّدوا في البدء هذا المجلس، الذي كان مركز البرجوازية الوطنية الكويتية، والتي يعبّر عنها اليوم مجموعة تجار، وكانت هذه البرجوازية واعية للمرحلة، وقد طرحت مفاهيم سببت إزعاجاً لبريطانيا، ما أجبر الحاكم على إلغاء مجلس 38، وأدَّى إلى ظهور حركة احتجاج وسالت دماء شخصين من الكتلة الوطنية، هما محمد المنيس وجاسم القطامي.
وبيَّن أن سبب تغيير نظرة بريطانيا لمجلس 38، هي إقراره بأن العلاقات الخارجية تحت سلطته، ولا تسير إلا بأمره، وما يميّز هذا المجلس طرحه لموازنة القضاء والمرافعات وغيرها من قِبل أعضائه الشباب المندفعين، والذين تشكلوا من الطبقة البرجوازية الوطنية.
المشاركة والديمقراطية
واعتبر الوسمي أنه رغم إلغاء مجلس 38، فإن الكويتيين لم يسكتوا، وبدأوا يطالبون بالمشاركة والديمقراطية، وباتت هناك مجالس منتخبة، كمجلس المعارف.. وغيره، ولكن ما حدث أنه بات هناك احتكار للانتخابات من قِبل عدد محدود من العوائل، لافتاً إلى أن الأمر المستغرب كان حظر ومنع د.أحمد الخطيب وجاسم القطامي من الترشح للمجالس المنتخبة، والمفاجأة كانت بفوزهما بالانتخابات، ولكن فوزهما ألغي، وهذا دليل على أن التيار الوطني كان مؤثراً.
شخصية فذة
وكشف الوسمي أن شخصية المغفور له الشيخ عبدالله السالم كانت شخصية فذة، وتتمتع بحس وطني رفيع جداً، وقد استاء البريطانيون منه، إثر تجميعه محاصيل البترول ووضعها في صندوق الكويتيين، مبيناً أن الأمور تطوَّرت بعد ذلك، إلى أن وصلت حد الاستغلال، بإعلان عبدالكريم قاسم أن الكويت جزء من العراق، رغم أن الكويت تأسست قبل العراق الذي كان عبارة عن 3 ولايات تحت الحكم العثماني.
واعتبر أن تصريح عبدالكريم قاسم أدَّى إلى مغالطات سياسية، وعلى هذا الأساس ارتسم الخط السياسي، من خلال مجموعة التجار الوطنيين والتيار الوطني الديمقراطي، ومن قِبل الشيخ عبدالله السالم، لتطوير العملية السياسية، والتي كان من نتيجتها مجلس ودستور 62.
العملية السياسية
ولفت الوسمي إلى محاولة الكثيرين تغيير الدستور، الذي تنص إحدى مواده على عدم تنقيحه إلا لمزيد من الحريات، قائلا إن هذا الدستور فصل العملية السياسية، ومن يؤمن به يعد داخل اللعبة السياسية، ومن لا يؤمن به فهو خارجها.
وانطلاقاً من ذلك، فصلت العملية السياسية في 3 سلطات، على رأسها الأمير، وهو أبوالسلطات، وذاته لا تمس، وما تحته يمس، وبالتالي فرضية محاسبة رئيس مجلس الوزراء في ضمير الأمة والكويتيين.
وكشف أن السلطة التنفيذية، أي الحكومة هي المهيمنة على إدارة الدولة، فيما التشريعية سلطة الشعب، ومادة أن الحكم وراثي في ذرية مبارك الصباح دفعت بالدكتور أحمد الخطيب إلى الاعتراض عليها، مطالباً بأن يبقى الحكم في «الصباح»، وخصوصاً أن هناك مجموعة من آل الصباح ترى أنه تم ذبحها وطردها من الحكم.
وبيَّن أن هناك صراعاً موجوداً في الأسرة الحاكمة و»كنا نتمنى أن يكون هذا الصراع لصالح الكويت والديمقراطية، ولكن للأسف ليس كذلك»، مقترحاً على الأسرة أن تمارس دورها كلاعب أساسي في العملية السياسية، ولكن يجب أن تحدد المسؤولية في شخص الأمير، بحيث يكون مسيطراً على الأسرة وتوجيهها التوجيه الصحيح عبر السماح لأبنائها بممارسة السياسة، بشرط ألا يتجاوزوها للعمل لمصلحتهم الشخصية.
النفوذ والسلطة
وأكد الوسمي أن النفوذ والسلطة يجعلان العملية السياسية عرجاء، موضحاً أن الإدارة السياسية أو السلطة أو الأسرة هي أكبر لاعب في الساحة السياسية، ممثلة بالأمير، الذي تعد ذاته مصونة لا تمس، واصفاً مجلس الوزراء الذي يدير الدولة، بأنه أكبر حزب منظم موجود على الساحة السياسية الكويتية.
وشدد على أن ملاحقة الشعب الكويتي دفعته إلى التغريد من خلال مواقع التواصل الاجتماعية التي استغلها لطرح مفاهيمه وآرائه، لكن السقف لما يسمى بالمغردين ارتفع، ووصل بهم إلى الحكم عليهم بالسجن، مع التأكيد أن هؤلاء المغردين لم يتبنوا أفكاراً أو نيات شيطانية، إنما استفادوا من التطور السياسي الموجود على أرض الكويت.
وقال: إذا اتهم البعض هؤلاء المغردين بأنهم مجانين، أقول لهم: العرب قالوا خذوا الحكمة من أفواه المجانين! وهذه رسالة عليكم إيصالها بطريقة سلسة إلى من يهمه الأمر.
وأضاف: الأمور التي تطرح ويعاقب عليها بشكل غير منطقي تفر من البنان، كما حصل مع المتنبي عندما زار إيران ودخل الغابة وتسلل الضوء إلى راحة كفيه وحاول الإمساك به، إلا أنه كلما حاول ذلك كان يفر من بنانه، وكلما أقفلت الحكومة الطريق أمام الشعب زاد شجنه واعتراضه
وكرر الوسمي قائلاً: الأسرة الحاكمة هي اللاعب الأساسي، و«لكن في المقابل أعطوا الكويتيين التنظيمات، حتى لا تذهب الأمور في غير المسار المحدد لها، لأن من حق الكويتيين العمل فوق الأرض».