رأي الطليعة: لا نريد للكويت أن تحيد عن مسارها وتنزلق في تحالفات مبهمة

الكويتنأت الكويت بنفسها عن أي تدخل أو مساعدة لأطراف مقاتلة في سوريا طوال السنوات الثلاث الماضية.. الموقف ذاته اتخذته بالنسبة للأحداث التي جرت في ليبيا، قبل سقوط نظام القذافي وحتى يومنا هذا.. طوال تلك السنوات كانت الصحف الأجنبية والعربية تشير باستمرار إلى تدخلات عربية خليجية، دعماً للمسلحين، من إسلاميين وغيرهم من الجماعات التي تقاتل في سوريا، بمن فيهم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات التكفيرية.

الإشارة ذاتها وجهت إلى الدور الذي تقوم به تركيا منذ بدء الأزمة في سوريا، من حيث تمركز المقاتلين، وكجهة وصل لهم من جهات عدة، وترتيب عمليات التمويل وتسليح للمقاتلين.

مرات عديدة يرد ذكر تلك الدول ودورها في تأجيج الصراع الدموي الدائر هناك، في محاولة للتصعيد من دون نية في التوصل إلى حلول سياسية تجنب سوريا، كدولة عربية، النتائج الكارثية المتتالية التي تلم بها.

الموقف الإنساني

لم يرد إطلاقاً ذكر الكويت في الدوائر الإعلامية على مدار السنوات كداعمة لما يجري في سوريا.. ولم تتورَّط كدول أخرى، لأغراض ومصالح وأجندات خاصة بمثل هذا النهج.. الأمر الوحيد الذي يتم ذكره حول الكويت، هي تلك المساعدات الإنسانية على المستوى الرسمي، عن طريق المؤتمرات الدولية لمساعدة الشعب السوري داخل سوريا وخارجها، أو المساعدات من لجان شعبية تقوم بالدور ذاته.
لا نتحدَّث عن بعض التنظيمات التكفيرية التي أرسلت عدداً محدوداً من المقاتلين المغامرين ضمن عملية غسل أدمغة للنشء، أو تلك التظاهرات العنترية من بعض الشخصيات السياسية، فهي لا تشكل شيئاً في المشهد الكويتي العام.

فحتى عندما توغلت الدولة الإسلامية في شمال العراق، واضطر عدد من السكان للنزوح عن مناطقهم، من جراء ممارسات «داعش» الإرهابية، سارعت الكويت قبل غيرها إلى إرسال مساعدات إنسانية ومؤن منذ شهر يوليو الماضي، وقبل العديد من الدول العربية أو الأجنبية.

هذه صورة وموقف يفترض ألا تحيد عنهما الكويت، فذلك أضعف الإيمان، في ظل توتر وتفاقم الأوضاع في الوطن العربي، إن لم تكن هناك سبل أخرى، ومادامت هناك موانع عديدة لتحقيق سلام في تلك الدول.

التحالف الأميركي

ما يدعونا إلى هذا الحديث، هو الاجتماع الأخير الذي عُقد في جدة، والذي أتى بنوع من إعلان الشراكة في التحالف الذي أعلنته الولايات المتحدة، بذريعة محاربة «داعش» والإرهاب عامة.. تحالف غير واضح الاتجاهات، وغير محدد المعالم، وسيقود المنطقة إلى مزيد من القتل والاقتتال الداخلي.

الانضمام إلى هذا التحالف ستكون له تبعات إقليمية ودولية، باستخدام الولايات المتحدة أجندتها الخاصة، بما في ذلك مواجهة روسيا الاتحادية ودول إقليمية في المنطقة، بذريعة مواجهة إرهاب «داعش»، وذلك من دون مراعاة لسيادة الدول أو القانون الدولي أو منظمة الأمم المتحدة.

نخشى أن تنجرّ الكويت إلى تحالفات هي في غنى عنها، وتبعدها عن مسلكها الذي اتخذته طوال سنوات عدة.. فها هي ألمانيا نأت بنفسها عن التحالف الأميركي، بعد تجربتها في أفغانستان، وللمحافظة على مصالحها مع روسيا الاتحادية.. والأمر ذاته بالنسبة لبريطانيا، التي رفضت أي توسيع جغرافي لمهاجمة «داعش»، كما تريد أميركا.. ومنذ البداية أعلنت تركيا رفضها الدخول في هذا التحالف، على الرغم من موقعها الاستراتيجي، خدمة لمصالحها وعلاقتها مع إيران، لذا يتوجب علينا الحذر من السير في طريق لا تتأثر منه الولايات المتحدة، بل سيكون تأثيره المباشر على دولنا ومنطقتنا وشعوبنا، ويتوجب علينا إيجاد طريق ثالث يبعدنا عن هذه التهلكة ذات الصناعة الأميركية.

نهج ثابت

لا نريد أن نُزج في تحالفات دولية لها مصالحها وأجنداتها الخاصة من دون تيقن من ماهية الطريق الذي نسير فيه، أو ما يمكن مواجهته، وعلينا أن نضع دائما نهجا لا حيادة عنه يقوم على احترام سيادة الدول، سواء كانت عربية أو أخرى، والتمسك بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.. فمواجهة الإرهاب لا تنحصر فقط بالنهج الأميركي، الذي ساهم في إيجاده، سواء في العراق أو سوريا.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.