
ما بين 13 يونيو 1962 و23 مارس 2016 هناك ما يقارب 54 عاماً (تقل قليلاً بحساب الأشهر والأيام)، وهذه الأعوام مثلت الحياة لجسد عاش حلاوة الأيام ومرارتها.. بُعديها الوطني والقومي.. انتصاراتها وهزائمها.. عصور الازدهار والانكسار، مدافعاً عن قضيته، ومصححاً لأوضاع خاطئة.
خلال هذه الأعوام، مرَّ هذا الجسد بحالات عصيبة، مرض فيها واعتل، لكنه أراد الحياة، فتغلب على جميع الظروف، وواجهها بقوة وثبات.. تصدى للطعنات كافة، صامداً أمام أيادٍ حملت «خناجر» أرادت أن تنهي حياة هذا الجسد وتغتاله.
سنوات طوال تحمَّل فيها هذا الجسد آلام الدهر، وظل صابراً، ومتفائلاً بحياة أفضل.. كان يأمل أن يواصل مسيرته، إلا أن «الأقدار» لم تمهله، وقررت رحيله.
لم يَسر هذا الجسد بـ «درب الزلق»، الذي استهوى البعض، ولم يكن يوماً رافعاً شعار «حامي الديار»، بل كان أقرب لـ «ممثل الشعب» في رؤيته وطرحه وفكره، لكن في النهاية أزِفَ الوقت و«دقت الساعة».
إنهم لم يرحموا هذا الجسد، وكأنهم أرادوا مسح تاريخه من الوجود، فها هم اليوم يعدون العدة لـ «حفلة على الخازوق».
وليعلم مَن أراد الاحتفال، أن «الرسالة» لم ولن تموت، لأن هناك جيلاً واعياً قادماً يحملها بيده، يُكمل المسيرة التي تخلَّى البعض عنها، إما متعمداً أو جاهلاً. فرحلة الحياة باقية ومستمرة، والبقاء دائماً لمن يقدم كفنه قبل روحه، والتاريخ يكتب، ولن يمحوه أو يشوهه البعض لمجد زائف.
لن نسكب دموع الحزن، كما يتصور البعض، بل ستكون ولادة جديدة لـ«جسد» مفعم بالأمل نحو مستقبل يراه جيل الربيع وفق محدداته وبرامجه.